تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حضارة الإسلام السورية سنة 1394ه

عرفته في سن مبكرة عن طريق السماع لأخباره وتحركاته في تعبئة الأمة الإسلامية للتصدي

للمؤتمرات التي يحكيها اليهود وينفذها أعوانهم المستعمرون وعلى الأخص الإنجليز الذين أعطوا اليهود الحق في توطن فلسطين حسب وعد بلفور المشؤوم , وكان يهدأ مطلقاً فهو حركة دائبة وعمل متواصل وجهاد شاق وصبر و مصابرة , لا يقوى عليها إلا أصحاب العزائم من الرجال.

إن سماحة الحاج محمد أمين الحسيني علم من أعلامه الإسلام المعاصرين في غنى عن تعريف مثلي فهو أشهر من أن يعرف وأكبر من أن أقوم بتعريفه , فقد ملأ الدنيا ذكره , وعم الخافقين صيته , وأذكر أن مجلة (الإخوان المسلمين) كتبت تطالب حكومة مصر بالسماح له باللجوء إليها بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية , ونشرت المجلة على صفحات الغلاف صورته وكتبت تحتها: ((مهاجر القرن الرابع عشر الهجري مفتي فلسطين الأكبر الحاج محمد أمين الحسيني)) , وقد مارست جماعة الإخوان المسلمين وعلى رأسها محمد صالح حرب , والاتحاد العام للجمعيات والهيئات الإسلامية بمصر وعلى رأسه عبد الواحد سبل , وغيرهم من الشخصيات السياسية والوطنية مثل: محمد على علوبة , وعبد الرحمن عزام , وعلى وغيرهم , مارس هؤلاء ضغوطاً سياسية وشعبية , حتى وافقت حكومة مصر على لجوئه رغم اعتراض بريطانيا على ذلك.

ويروى في جريدة الشرق الأوسط د. صلاح الدين المنجد قصة تهريب الحاج أمين الحسيني

من سجنه الفرنسي سنة 1946م إلى القاهرة فيقول: (كان الدكتور محمد معروف الدواليبي قد كشف لنا النقاب حيث قال بعد تردد وإلحاح منا:

إن الله سبحانه وتعالى إذا أراد أمراً يسره مهما أحاط به من مصاعب , أو خُيل للإنسان أن لا سبيل إليه. فعلى إثر الحرب العالمية الثانية كانت الدول العظمى الثلاث: الولايات المتحدة الأمريكية وانجلترا وفرنسا تلاحق الحاج أمين الحسيني , بعد أن هموا بالقبض عليه في فلسطين ثم في لبنان ثم في العراق فأفلت منهم , واضطروه للالتحاق بهتلر , وتابع كفاحه ضد اليهود الغاصبين , فقبض عليه الفرنسيون في أسبوع إعلان الهدنة وسجنوه في مكان يصعب على أي إنسان أن يهتدي إليه؛ وكنت يومئذ في باريس لتحضير الدكتوراه , وكنت رئيس لجنة العرب في فرنسا , فبذلنا جهوداً لا يمكن تصورها حتى اهتدينا إلى مكان سجنه الذي كان يبعد ثلاثين كيلو متر عن باريس.

ولم يكن في باريس سنة 1946م طائرات مدنية لنقل الركاب إلى الشرق , وكان هناك يومياً طائرتان مخصصتان لأمور عسكرية تسافران إلى القاهرة وشمال أفريقيا , وكان يسمح لراكب مدني واحد فقط أن يسافر على كل منهما بشرط أخذ الأذن من السفير الأمريكي , أمكن حمله على التخلف ليحل محله الحاج أمين باسم مستعار , ثم حملناه إلى المطار وصعد القاهرة بكل هدوء وبشكل عادى وطبيعي ودون علم السفير الأمريكي وإذنه , وذلك بفضل تنازل الضابط الأمريكي عن مكانه. وعندما رأينا الطائرة تقلع , تنفسنا الصعداء وبتنا ننتظر الخبر الميمون بوصوله إلى المكان المأمون. وأصبحت صائماً لله تعالى تضرعاً و خفية. واستقبله في القاهرة من اتصلنا بهم لاستقباله , ونزل في مكان أًعد له في بادئ الأمر سراً , وبقى فيه بضع عشر يوماً لا يعلم العالم عنه شيئاً. وقد نزل خبر فراره كالصاعقة على الحكومة الفرنسية , حين افتضح أمر هروبه بعد أسبوعين , فبادرت إلى اعتقالي الفوري وإجراء التحقيقات. وقام رئيس استخبارات الحلفاء بدمشق الجنرال كلايتون بنفسه بتفتيش مزرعة رئيس الوزراء جميل مردم بحثاً عن الهارب المطلوب من الجيوش الثلاثة. وبعدها ظهر الحاج أمين فجأة في قصر الملك فاروق الذي لم يسعه إلا الترحيب به).

كان الإخوان المسلمون والمخلصون من قادة مصر , يبذلون قصارى جهدهم لمساعدة إخوانهم الفلسطينين في جهادهم ضد اليهود وأعوانهم الإنجليز , حيث شرعوا في شراء أسلحة لهم , من مخلفات الحرب العالمية الثانية في الصحراء الغربية , بل شارك الكثير من الضباط المصريين ذوي الاتجاهات الإسلامية في تدريب الفلسطينين على أعمال العصابات اليهودية

التي يقوم الإنجليز بتدريبها في فلسطين ويزودونها بأسلحتهم الخفيفة والثقيلة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير