تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وزعم رواة العجم انها لم تكن لسليمان عليه السلام,, قالوا: وانما اصلها من العجم في ايام ملكهم,, كان اهل الحسبة في دينهم اذا مات احدهم اوصى بمال للكنائس؛ فاذا اجتمع عندهم ذلك المال صاغوا منه آلات من الموائد والكراسي وغيرها من الذهب والفضة,, يحمل الشماسة والقسوس فوقها مصاحف الاناجيل اذا ابرزت في ايام المناسك، ويضعونها على المذابح في الاعياد للمباهاة بزينتها؛ فكانت تلك المائدة بطليطلة مما صنع في هذا السبيل، وبالغت الاملاك في تحسينها، ويزيد الآخر منهم فيها على الاول؛ حتى برزت على جميع ما اتخذ من الآلات، وطار الذكر بها كل مطار,, وكانت مصوغة من خالص الذهب مرصعة بفاخر الدر والياقوت والزبرجد، لم تر العين مثلها، بولغ في تحسينها؛ من اجل دار المملكة؛ وأنه (21) لا ينبغي ان يكون في موضع آلة جمال الا ما يكون فيها,, وكانت توضع على مذبح كنيسة طليطلة؛ فأصابها المسلمون هناك,, وقصة ايصالها الى سليمان بن عبدالملك، ومنازعة موسى بن نصير وطارق مولاه في رجلها مشهورة.

قال ابن حيان: مضى طارق خلف فرار اهل طليطلة؛ فسلك الى وادي الحجارة، ثم استقبل الجبل فقطعه، فبلغ مدينة المائدة خضرا من زبرجد,, حافتاها منها وارجلها، وكان لها ثلثمئة وخمسة وستون رجلا؛ فأحرزها عنده.

وبطليطلة بساتين محدقة، وانهار مخترقة، ودواليب دائرة، وجنات يانعة، وفواكه عديمة المثال,, ولها من جهاتها أقاليم وقلاع منيعة، وعلى بعد منها في جهة الشمال الجبل المعروف بالشارات,, فيه من الغنم والبقر الشيء الكثير الذي يتجهز به الجلابون الى سائر البلاد، ولا يوجد شيء من ابقاره واغنامه الا في غاية السمن، ولا يوجد مهزولا ألبتة، ويضرب بها المثل في ذلك في جميع الاقطار بالاندلس,, وعلى مقربة من طليطلة قرية تسمى بمغام,, في جبالها وترابها الطين المأكول (22) يتجهز به الى مصر والشام والعراق,, ليس على قرار الارض مثله في لذة أكله، وتنظيف غسل الشعر به,, وفي جبال طليطلة معادن الحديد والنحاس.

وزعموا ان معنى طليطلة باللطيني (23) تولاطو ,, معناه فرح ساكنها يريدون لحصانتها ومنعتها,, وفي كتب الحدثان: كان يقال: طليطلة الاطلال، بنيت على الهرج والقتال,, اذا وادعوا الشرك لم يقم لهم سوقة ولا ملك,, على يد اهلها يظهر الفساد، ويخرج الناس من تلك البلاد,, ومدينة طليطلة قاعدة القوط ودار مملكتهم، ومنها كانوا يغزون عدوهم، واليها كان يجتمع جيوشهم، وهي احدى القواعد الاربع,, الا انها اقدمهن، ألفتها القياصرة مبنية، وهي اول الاقليم الخامس من السبعة الاقاليم التي هي ربع معمور الارض، واليها انتهى حد الاندلس، ويبتدىء بعدها الذكر للاندلس الاقصى، اوفت على نهر تاجه، وبها كانت القنطرة التي يعجز الواصفون عن وصفها، وكان خرابها في ايام الامام محمد,, ومن خواص ان حنطتها لا تسوس على مر السنين,, يتوارثها الخلف عن السلف ,, وزعفران طليطلة هو الذي يعم البلاد ويتجهز به الى الآفاق، وكذلك الصمغ السماوي.

واول من نزل طليطلة من ملوك الاندلس لوبيان وهو الذي بنى مدينة رقوبل، وهي على مقربة من طليطلة وسماها باسم ولده,, ومنها ولي الاساقفة على الكور، وبها مجتمعهم للمشورة، وكان عددهم ثمانين اسقفا لثمانين مدينة من حوز الاندلس كجليقية وطركون وقرطاجنة، وكانت قبل ولايته فرقا؛ فائتلف امر الناس، وانقطع الاختلاف، واحبه الخاص والعام، وهو الذي بنى الكنائس الجبلية والمعالم الرفيعة، وبنى الكنيسة المعروفة بالمردقة واسمه مزبور على بابها، وهي بين حاضرة البيرة ووادي آش.

وبطليطلة الفيت ذخائر الملوك، وعلى مقربة من طليطلة قرية قنبرشة، وهي حارتان فيهما عينا ماء اذا نضبت احداهما جرت الاخرى,, هذا دأبهما كل عام ,, ماؤهما متعاقب لا يجري في زمان واحد، وغربيها على نحو عشرين ميلا منها تمثالان عظيمان على صورة ثورين قد نحتا من حجر صلد,, وذكر بعض المؤرخين ان طارقا لما غزا طليطلة اعترض جنده وهو راكب احدهما,, قالوا: لما مضى طارق بن زياد الى طليطلة دار مملكة القوط الفاها خالية قد فر اهلها عنها، فضم اليها اليهود، وخلى بها رجالا من اصحابه ومضى خلف فرار اهل طليطلة، فسلك الى وادي الحجارة، ومنه اقتحم ارض جليقية، فخرقها، ودوخ الجهة، ثم انصرف الى طليطلة وذلك سنة ثلاث وتسعين من الهجرة,, وفي خمسين واربعمئة فلواً

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير