[يا بؤس بغداد دار مملكة ... دارت على أهلها دوائرها]
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[30 - 12 - 07, 11:50 م]ـ
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم:
قرأت أبياتا من الشعر لأبي يعقوب الخريمي إسحق بن حسان يرثي فيها أرض السلام (بغداد) , أيام الفتنة التي حدثت بين الأمين والمأمون.
ما أشبه الليلة بالبارحة وما أصدق هذه الكلمات على حال هذه المدينة في هذا الوقت من الزمان.
نسأل الله تعالى أن يفرج عن أهل السنة فيها.
قال الخريمي:
[يا بؤس بغداد دار مملكة ... دارت على أهلها دوائرها]
أمهلها اللّه ثم عاقبها ... لما أحاطت بها كبائرها
رقّ بها الدّين واستخفّ بذي ال ... فضل وعزّ الرجال فاجرها
وصار ربّ الجيران فاسقهم ... وابتزّ أمن الدروب شاطرها
يحرق هذا وذا يهدّمها ... ويشتفي بالنّهاب داعرها
والكرخ أسواقها معطّلة ... يستنّ شذّابها وعائرها
أخرجت الحرب من أساقطهم آساد غيلٍ غلبا تساورها
من البواري تراسها ومن ال ... خوص إذا استلأمت مغافرها
لا الرزق تبغي ولا العطاء ولا ... يحشرها بالعناء حاشرها
عيون الأخبار مختصرا (1
214)
وأردها الطبري في تاريخه مطولة:
قالوا ولم يلعب الزمان ببغ ... داد وتعثر بها عواثرها
إذ هي مثل العروس باطنها ... مشوق للفتى وظاهرها
جنة خلد ودار مغبطة ... قل من النائبات واترها
درت خلوف الدنيا لساكنها ... وقل معسورها وعاسرها
وانفرجت بالنعيم وانتجعت ... فيها بلذاتها حواضرها
فالقوم منها في روضة أنف ... أشرف غب القطار زاهرها
من غره العيش في بلهنية ... لو أن دنيا يدوم عامرها
دار ملوك رست قواعدها ... فيها وقرت بها منابرها
أهل العلا والندى وأندية ال ... فخر إذا عددت مفاخرها
أفراخ نعمى في إرث مملكة ... شد عراها لها أكابرها
فلم يزل والزمان ذو غير ... يقدح في ملكها أصاغرها
حتى تساقت كأسا مثملة ... من فتنة لا يقال عاثرها
وافترقت بعد ألفة شيعا ... مقطوعة بينها أواصرها
يا هل رأيت الأملاك ما صنعت ... إذ لم يرعها بالنصح زاجرها
أورد أملاكنا نفوسهم ... هوة غيي أعيت مصادرها
ما ضرها لو وفت بموثقها ... واستحكمت في التقى بصائرها
ولم تسافك دماء شيعتها ... وتبتعث فتية تكابرها
وأقنعتها الدنيا التي جمعت ... لها ورعب النفوس ضائرها
ما زال حوض الأملاك يحفره ... مسجورها بالهوى وساجرها
تبغي فضول الدنيا مكاثرة ... حتى أبيحت كرها ذخائرها
تبيع ما جمع الأبوة لل ... أبناء لا أربحت متاجرها
يا هل رأيت الجنان زاهرة ... يروق عين البصير زاهرها
و هل رأيت القصور شارعة ... تكن مثل الدمى مقاصرها
وهل رأيت القرى التي غرس ال ... أملاك مخضرة دساكرها
محفوفة بالكروم والنخل والر ... يحان ما يستغل طائرها
فإنها أصبحت خلايا من ال ... إنسان قد أدميت محاجرها
قفرا خلاء تعوي الكلاب بها ... ينكر منها الرسوم زائرها
وأصبح البؤس ما يفارقها ... إلفا لها والسرور هاجرها
بزندورد والياسرية والشط ... ين حيث انتهت معابرها
ويا ترلحي والخيزرانية ال ... عليا التي أشرفت قناطرها
وقصر عبدويه عبرة وهدى ... لكل نفس زكت سرائرها
فأين حراسها وحارسها ... وأين مجبورها وجابرها
وأين خصيانها وحشوتها ... وأين سكانها وعامرها
أين الجرادية الصقالب وال ... أحبش تعدو هدلا مشافرها
ينصدع الجند عن مواكبها ... تعدو بها سربا ضوامرها
بالسند والهند والصقالب وال ... نوبة شيبت بها برابرها
طيرا أبابيل أرسلت عبثا ... يقدم سودانها أحامرها
أين الظباء الأبكار في روضة ال ... ملك تهادى بها غرائرها
أين غضاراتها ولذتها ... وأين محبورها وحابرها
بالمسك والعنبر اليمان وال ... يلنجوج مشبوبة مجامرها
يرفلن في الخز والمجاسد وال ... موشي محطومة مزامرها
فأين رقاصها وزامرها ... يجبن حيث انتهت حناجرها
تكاد أسماعهم تسك إذا ... عارض عيدانها مزاهرها
أمست كجوف الحمار خالية ... يسعرها بالجحيم ساعرها
كأنما أصبحت بساحتهم ... عاد ومستهم صراصرها
لا تعلم النفس ما يبايتها ... من حادث الدهر أو يباكرها
تضحي وتمسي درية غرضا ... حيث استقرت بها شراشرها
لأسهم الدهر وهو يرشقها ... محنطها مرة وباقرها
[يا بؤس بغداد دار مملكة ... دارت على أهلها دوائرها]
أمهلها الله ثم عاقبها ... لما أحاطت بها كبائرها
¥