تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أُسْكُدَار، فاستكمَلَ قواته البرية والبحرية، وانطلقَ الأسطولُ البحريُّ المشحون بالأسلحة والعتاد والتموين شمالاً عابراً مضيقَ البوسفور، فدَخَلَ البحرَ الأسود، واتجه شرقاً نحو مدينة طرابزون، وتابع السلطانُ مسيرتَه شرقاً على طريق جده محمد الفاتح الذي اتجه شرقا وانتصر على حسن أوزون جد الشاه إسماعيل الصفوي، وعلى خُطا الأجداد سار الأحفادُ،

وغادر السلطان أسكدارَ مع القوات البرية في الثالث والعشرين من شهر نيسان/ إبريل سنة ألفٍ وخمسِ مئةٍ وأربعَ عشرةَ للميلاد، فوصل إلى مدينة قونيا التركيةِ في أول حزيران/ يونيو، فاستراح السلطان والقوات مدة ثلاثة أيام، ثم تابع المسيرَ إلى مدينة سيواس التي تكثُرُ فيها الخلايا السريةُ؛ فترك فيها قوّةً مُكونة من أربعين ألفَ مقاتلٍ لحمايةِ المنطقة، وتأمين خطوطِ الإمداداتِ، وتطهيرِ المنطقة من القوى الموالية للصفويين، وواصلِ السلطانُ مسيرَه شرقاً، ومعه مئةُ ألفِ مقاتل، فوصل إلى مدينة أرزنجان التركية في الرابع والعشرين من شهر تموز/ يوليو، ووصلتْ إليه بَراًّ المهماتُ التي نُقلت بحراً من إسطنبول إلى طرابزون، وبعدَ ترتيبِ أمورِ الجيش، تابع المسيرَ، فوصلَ إلى مدينةِ أرض روم في الخامس من شهر آب/ أغسطس،

ووجدَ السلطانُ سليم أن عملاءَ الصفويين قد حرقوا جميعَ المحاصيلِ الزراعية والقرى على الطريق التي يسلِكُها الجيشُ العثماني من أرزنجانَ إلى تبريز لحرمانه من أية إستفادةِ من الموارد المحلية، وقد تمّ تنفيذُ تلك الحرائق بإشراف التركماني الأناضولي الباطني "محمد خان أُسطا جالو" الموالي للشاه إسماعيل الصفوي، وانسحب الصفويون شرقاً لاستدراجِ الجيش العثماني وإنهاكِه ثم الانقضاضِ عليه.

ورُغم المشقّة أمرَ السلطانُ سليم الجيش بمتابعة المسير، فبدأ تذمُّرُ الإنكشاريينَ البكتاشيين بدعوى طولِ مدّة الحملةِ، وازداد التذمُّرُ في المنطقةِ الواقعة بين أرزنجان وأرضروم حيث يكثرُ الباطنيون، وتطوَّر التذمُّرُ إلى محاولة اغتيالِ السلطان سليم حيث أطلقَ الإنكشاريون البكتاشيون النارَ على خيمة السلطان، فأصابوها لكن السلطانَ نجا، وامتطى صهوة جواده المسمى: قره بولوت، أي: الغيم الأسود، وابتعد به الجوادُ عن الخيمة، ثم قامت الحراسةُ الخاصة "الصولاغية" بإلقاءِ القبضِ على الْجُناةِ الخونة، وشكَّل السلطانُ سليم محكمةً ميدانة حكمت بإعدامِ الخونة، وصدّق السلطانُ سليم على حكم الإعدام فأُعدِم الإنكشاريون الخونة إعداماً شرعياً، ولم يمثلِ المسلمون بأجسادهم، وقامت قواتُ "الصولاغ" بملاحقةِ العناصرِ الموالية للصفويين وتصفيتِها وتطهيرِ المنطقة منها لتأمينِ حماية القوات الخلفية للجيش العثماني.

ثم غادر الجيشُ العثماني مدينةَ أرض روم، و تقدَّم باتجاه مدينةِ تبريز الإيرانية عاصمةِ التركمانِ الصفويين، وسار عدَّة أيام دون أن يَجِدَ أثراً للصفويين الذين أرادوا خديعتَه بالتراجُع المخطَّطِ له بانتظار أنهاكِ الجيش العثماني، ثم الانقضاضِ عليه، ولكن السلطانَ قرَّرَ الالتفافَ على تبريزَ عاصمةِ الصفويين التركمان، فاستمرَّ في تقدُّمِهِ، ووصلَ قصَبة "بيازيد الشرقية: دوغو بايزيد" ثم تجاوزها إلى آذربيجان، واتَّجَهَ نحو الجنوب الغربي، ورافق ضفافَ نهر زنكما حتى وصل في الثاني والعشرين من شهر آب/ أغسطس سنة ألفٍ وخمسِ مئةٍ وأربعَ عشرةَ للميلاد إلى صحراء جالدران إلى الشرقِ من تبريزَ بين بحيرة إرمية وتبريز؛ قرب ماكو الواقعة إلى الجنوب الشرقي من جبل آغري مسافةَ خمسين كيلو متراً.

وهنالك عقد السلطانُ سليم مجلساً حربياً مساء الثاني والعشرين من شهر آب / أغسطس، وقرَّر مباشرةَ القتال في صباح اليوم الثالث والعشرين منه، ونُفِّذت الخِطةُ التعبوية للجيش العثماني الخُماسي، فكان موقعُ السلطان في القلب، ومعه الصدرُ الأعظم الداماد أحمد باشا هرسك زادة، وقاد الجناح الأيمن والي الأناضول سنان باشا، ومعه والي قره مان زينل باشا، والخيالة "سُباهيو التيمار الأناضولي" وقاد الجناح الأيمن والي رومللي البيلربك حسن باشا ومعه الخيالة "سُباهيو تيمار رومللي" وكانت فرقةُ مشاةِ الإنكشارية الثقيلة المجهزة بالبنادق مع المدفعية في المؤخرة، وكانت فرقة صاعقةِ رومللي الخيالةِ المسلحةِ في المقدمة. وكانت وحداتُ المشاة العثمانية الخفيفة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير