والدارس لأحوال العراق يجد هذه الجهود والأعمال متذبذبة بحكم الوضع السياسي فتارة تنشط وتارة تفتر. ومرد ذلك الوعي بحقيقة التشيع وخطره سواء عند العرب والتركمان والأكراد هو جهود علمائه ودعاته في هذا المجال، ولهذا وقف أهل العراق مع كل وال أو حاكم أو خليفة يخلّصهم من التشيع وأهله.
ولأهمية هذا الوعي في وقاية بلادنا ومجتمعاتنا من أخطار التشيع القادمة أذكر قصة ذكرها لي أحد الأخوة الباحثين الأفاضل حول سفر أحد فضلاء بغداد بعد دخول الصفويين بها إلى استانبول عاصمة الدولة العثمانية واحتياله لدخول قصر السلطان والأذان فيه بـ "حي على خير العمل" (أذان الشيعة) فأمر الخليفة العثماني بإحضاره وسأله عن سبب صنيعه هذا؟ فأجابه قائلا: هذا الأذان سيصل لقصرك وسيشيع في بلدك هذا إن لم تنقذ بغداد من الصفويين؛ فهبّ السلطان لنجدة بغداد و تحريرها و تمّ له ذلك.
وهكذا يفعل فضلاء العراق اليوم يؤذنون في كل عواصم الدول العربية؛ في الأردن ومصر والسعودية ودول الخليج والسودان واليمن وغيرها من بلاد الله، منذرين شعوبها وحكامها علّها تلامس أسماعهم مثلما لامست صرخة تلك المرأة أذن المعتصم أوعلها تفعل ما فعله أذان العراقي الذي أذن في بلاط الخليفة العثماني، فيهبوا جميعاً بكل الوسائل والحيل والفرص كي ينقذوا اليوم سُنة العراق بل العراق أجمعه، فلا يحفظ العراق إلا سُنته، وأهل السُنة أحن على الشيعة من أنفسهم، وليذكر الشيعة أيام حكم السُنة خير لهم أم أيام حكمهم بعد الاحتلال (عهد الجعفري والمالكي)!!؟؟.
وأرجو من المولى عزّ وجل أن لا يصدق في العرب والمسلمين قول الشاعر عمر أبو ريشة رحمه الله:
ربّ وا معتصماه انطلقت ...... ملء أفواه الصبايا اليتم
لامست أسماعهملكنّها ...... ... لم تلامس نخوة المعتصم
ولعل في ذلك تحفيزا وإيقاظاً لنفر من أهل جلدتي من السُنة، سواء كانوا من أهل بلدي العراق الجريح، أو من بلد من بلدان العالم الإسلامي يحمل عقيدة أهل السُنة والجماعة، أو شريك في الدم والعرق تدفعه عروبته لشيء من الغيرة، ويدفعه قول الشاعر يوم رأى الشعوبية تعمل عملها في أيام حضارتنا الأولى (نهاية الدولة الأموية) فقال يصف الشعوبيين الفرس:
يدينون ديناً ما سمعت به عن الرسول ولا جاءت به الكتبُ
فمن يكن سائلاً عنأصل دينـ ـهم فإنّ دينهم أن تُقتل العربُ
والله ولي التوفيق
نبذة عن العراق وشيعته وتشيّع قسم من أهله وعشائره
أعتقد أنه من المهم بداية أن ألقي بعض الضوء على تاريخ الشيعة بالعراق وأسباب تشيع بعض العشائر في الجنوب، لتتضح للقارئ قيمة هذه الجهود العراقية في الرد على الشيعة، فهي ليست جهود مبعثها الفراغ وحب النزاع أو الترف الفكري، ولكنها جهود دافعها التصدي للعدوان والطغيان الشيعي الصفوي.
فمن المعروف للباحثين في الشأن العراقي أنّ بلاد العراق هو منشأ التشيّع الأول، ومدينة الكوفة- التي بناها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه- كانت ملاذا للشيعة الأوائل [4]، وفي العراق قبور من يقدسهم الشيعة ويعتبرونهم – حسب زعمهم – أئمة معصومين؛ حيث قبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في مدينة النجف، وفيه استشهد الحسين على أرض كربلاء، ومعه أخوه العباس وجميع شهداء معركة كربلاء، وفي بغداد قبر موسى الكاظم وحفيده محمد الجواد، وفي سامراء قبر علي الهادي وولده الحسن العسكري رضي الله عنهم أجمعين، وفي العراق أيضاً خرافة الشيعة ومحل غيبة المهدي المنتظر وغير ذلك كثير من القبور الصحيحة والمفتراة.
فالعراق بلد مقدس عند الشيعة، ورغم كلّ ذلك لم يكن العراق في يوم من الأيام بلدا شيعيا، لا شعباً ولا حكومة، بل كان العراق سُنيا منذ عهد الأمويين ثم العباسيين ثم إبان حكم المغول وبروز دولة اللإلخانيين ثم دولة الجلائريين ثم دول التركمان (الآق قونيلو، والقرة قونيلو) ثم من بعدهم العثمانيين.
¥