تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

- فئة أخرى يطلق عليها اسم السادة (جمع سيد) [22] ينتشرون في المناطق العشائرية، لهم منزلة دينية مرموقة كون أن نسبهم يرجع إلى أسرة النبي الكريم على حسب قولهم. وقد تعزز موقعهم عندما عملوا كأولياء، وكان بعضهم يدعي امتلاك قوى خارقة لعلاج الأمراض، وكان لدعائهم وزن معنوي عند سكان الأهوار، وقد حظي هؤلاء بقدسية عند رجال العشائر الذين كانوا يقسمون الأيمان بأسمائهم، وكانت منزلتهم العليا تتجلى في حقيقة إنّ دية السيد القتيل هي ضعف دية الشخص الاعتيادي.

وكان السادة يمنحون موافقتهم ومباركتهم في الأعراس والختان ومراسيم الجنازة، وهم الوحيدون الذين يقرؤون ويكتبون حينذاك وكانوا بمثابة همزة وصل لأهل العشائر مع العالم الخارجي.

كما أعطيت للأشراف (السادة) في الجنوب (قبل التشيع) منزلة تعززت بسبب عقدة عشائر الجنوب تجاه قضية مقتل الحسين، هذا الأمر الذي بقي متأصلاً فيهم، ولا يقدم على الأشراف سواهم حيث كان الشريف يُفضّل في ترؤس الحلف المبرم بين القبائل المتعددة كما هو معروف في (حلف المنتفق أو المنتفج).

- كما كانت هناك فئة ثالثة تدعى بـ (المؤامنة) أو (العالم) وهؤلاء ليسوا بالضرورة من آل البيت ولهم منزلة أدنى من السيد، تدخل في الهيكل التشكيلي للمجتمع العشائري، وكانوا يُرسلون عادة من قبل الحوزة العلمية في النجف، وهم من خريجي المعاهد الفقهية ومفوضون في تسوية أمور الزواج والطلاق والميراث، وكانوا يقيمون المراسيم الدينية ويقودون المواكب الحسينية، و يعتقد أنهم من ادخلوا زواج المتعة إلى الجنوب العراقي، وبذلك أتيحت الفرصة لشيوخ العشائر الاقتران بعدد من الزيجات ولو كانت مؤقتة.

* وقد هاجر العديد من أسر الأشراف السُنية من الحرمين وغيرها إلى بلاد الرافدين كأسرة أبي طبيخ التي هاجرت من الإحساء بحدود 1214 ه، وأسرة السعدون من الحجاز قبل أربعة قرون، و (البو محمد) من الحجاز سنة 1213 ه، والسادة العذارية - نسبة إلى زيد بن علي بن أبي طالب - من المدينة النبوية، وكذا آل زوين قبل عدة قرون، وكما سبق ذكره فإن التشيع أعطى هذه الفئة ميزات لا تعطى للسيد السني؛ وإذا ما نزل شريف من الأشراف أو السيد بما هو المصطلح عليه في العراق فله المكانة العالية وينظر له بقدسية كبيرة، وإذا كان متواضع الحال أو معدماً منحه شيخ القبيلة أرضاً خصبة، ويوثق تلك المنحة بصك شرعي كما فعل شيخ الخزاعل لأسرة آل أبي طبيخ بحدود عام 1214 ه.

وكذلك ما فعلته قبيلة (العنافجة) إحدى فروع قبيلة آل كثير مع السيد أحمد الجابري الذي هاجر من العمارة على أثر خلاف بينه وبين والده، حيث أنزلوه منزل إجلال وإكرام وأعطوه أرضاً مزروعة.

لأن القبائل المتواجدة في وسط وجنوب العراق يعتبرون أن للسادة حقاً في أملاكهم الخاصة وكذا في وارداتهم السنوية فيقدمون ذلك مع الطاعة. يقول عبد الجبار فارس (شاهد عيان): " ويندر أن نجد قرية خلت منهم أو عشيرة لا يحط معها بعضهم، وهم أينما حلوا كانوا من المقربين عند الشيوخ ولهذا صاروا يقطعونهم قسماً من أراضيهم ويخصصونها ملكاً لهم ... ".

بل نجد (التجمع القبلي) المكون من قبائل شتى يسمى أحياناً باسم الأسرة التي تنتمي إلى الرسول وحلت بينهم كـ (آل سيد نعمة)، حتى بلغ الأمر بأمير المحمرة (من مقاطعة الأحواز - خوزستان - عربستان) خزعل بن جابر الكعبي العامري (ت 1355 ه / 1936 م) قوله المشهور لما طلب منه أحد أفراد أسرة السيد هاشم النزاري أن يسمح له بقتله وذلك لتحريضه القبائل ضد خزعل: " لو أعطيت ملك الدنيا لما رضيت أن ألاقي ربي ويداي ملطخة بدم علوي ".

وبناء على هذا التصور وهذه القدسية والهالة التي تحيط بأي أسرة علوية تنتسب إلى رسول الله. ونظراً لما يتمتع به السيد وسط القبيلة من مميزات ومكانة المذكور بعضها آنفاً، أكثر الادعاء بالسيادة، وقل من هو مقطوع بنسبه كما يقول العزاوي.

ولكثرة السادة وازدياد نفوذهم تنبه فريق من الناس لتلك الظاهرة وأخذوا يتساءلون عنهم مما اضطر مدعي السيادة أحياناً إلى تغيير محلات سكنهم لتفادي تدقيق رجال العشائر تدقيقاً شاملاً في موقعهم. وحاول رؤوساء بعض العشائر لتعزيز مكانتهم وهيمنتهم على عشائرهم وقبائلهم تزويج بناتهم لبعض السادة [23].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير