خوفاً من المد الاسلامي الذي يجدد للأمة دينها منذ عام 1225هـ.
رابعاً: ولكي يبرهن الداعون الى التنفير من هذه الدعوة على ما يدعون اليه، خاصة وان الاعلام عنها ضعيف ولا يصل الا من جانب الخصوم واصحاب الاهواء لأنهم الأقدر على الاتصال مع الأمم الأخرى فإنه لا بد من الباس سليمان ثوبا يتلاءم مع الهدف الذي تفتقت الحيلة عنه لإلباسه لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب الوهابية ليتلازما في خطين متوازيين يخدم احدهما الآخر رغم ان دعوة الشيخ محمد تتنافر مع الوهابية الرستمية من حيث المعتقد والمحتوى والمكان والطريقة، واسلوب الاستشهاد بالدليل الشرعي، لان الوهابية الرستمية تخالف معتقد اهل السنة والجماعة كما هو معروف عنهم لدى علماء المالكية في شمال افريقيا والاندلس - قبل تغلب الافرنج عليها- بينما الشيخ محمد بن عبد الوهاب في دعوته لا يخرج عن مذهب اهل السنة والجماعة، ويدعم رأيه في كل امر بالدليل الصحيح من الكتاب والسنة، وما انتهجه السلف الصالح، كما هو واضح النص والقياس في جميع كتبه ورسائله.
اما سليمان فلم يعرف عنه رأي يخالف ذلك لا في الشيخ ولا في دعوته، ولم يذكر المخالفون للشيخ محمد وفق الرسائل الكثيرة رأياً للشيخ سليمان يخالف ما سار عليه اخوه، ولو عرفوا عنه شيئاً وهم لصيقون به لذكروه كبرهان يستدل به .. لكن العكس هو الصحيح. كما سوف يرى القراء فيما بعد من هذا البحث: نموذجاً من رسائله المؤيدة لدعوة الشيخ والحاثة لبعض طلبة العلم بالانضمام اليها وتبيين محاسنها.
خامساً: وقرينة اخرى فإن مخالفة الشيخ سليمان بن عبد الوهاب لأخيه كانت في بداية امر الشيخ محمد، ووقتها لم تتعد الردود الكلام الشفوي في بداية امر الشيخ محمد، ومحمد ابن غنام - رحمه الله - رصد ذلك بتأريخه وقد عاصرهما سوياً، وتوفي بعدهما بزمن، ولم يذكر من ذلك شيئاً رغم انه ذكر المخالفين للشيخ محمد في دعوته,, كما انه لم يذكر المشايخ احمد بن محمد التويجري، واحمد ومحمد ابنا عثمان بن شبانه، وهم مَن بينهم وبين الشيخ سليمان مكاتبات حول الدعوة وكانوا متوقفين في البداية حتى عرفوا صدقها فأيدوها كما يتبين من رسائلهم المتبادلة, وسوف نورد بعضا منها في حدود ما يتسع له المقام.
سادساً: ومن جانب آخر فإن كلمة الوهابية في وضعها اللغوي الصحيح تكون نسبة لوالدهما عبد الوهاب سوياً ولا يمكن ان يكون لسليمان الابتداع في اطلاق هذا المسمى على دعوة اخيه لانه يعرف دلالة اللغة العربية، كما لم يعرف ان والدهما عبد الوهاب قد اخذ هذه النسبة، ومن جهة فانه لم يرد على والده، وهو يدرك ان النسبة خطأ لأنها من نسبة الشيء الى غير اصله، فلا يمكن ان نقول للمكي انه مدني، ولا للمغربي انه هندي، وهكذا وان أطلقت الوهابية تجوّزا فان محمداً وسليمان مشتركان فيها، الراد والمردود عليه، وهذا مما لا ينطلي على الشيخ سليمان بن عبد الوهاب,, إن كان هو صاحب الرد حقيقة,, اما اذا كان الرد مدسوساً عليه - وهذا هو الأرجح عندي - فإن جهالة المفتري تجعله يقع في مزالق ابلغ من ذلك.
وقلنا في القرينة الثالثة: ما يدل على ان كل من كتب كان لسبب دفع اليه، وهدف قصده هو او وجه اليه لتحقيق غرض حول هذه الدعوة اذ يرون من اهم ما يجب ابرازه معارضة المحيطين بالشيخ من اهل نجد اذ تلقفوا في العراق وفي الشام وفي مصر وغيرها اقوال اشخاص ناوؤا الدعوة كما يظهر من الردود عند بن جرجيس وغيره,,
بل نموذج ذلك مربد المربد الذي ذهب لليمن في عام1170هـ ثم رجع الى مكة ووضع محدثاً في الحرم، وقال عنه الشيخ عبد الله بن بسام: " والقصد ان هذا الرجل وامثاله ممن ناوؤا الدعوة الاصلاحية هم الذين شوهوا سمعتها وألصقوا بها الاكاذيب وزوروا عليها الدعاية الباطلة، حتى اغتر بهم من لا يعرف حقيقتها ولا يخبر حلها،
فرميت بالعداء، عن قوس واحد، اما من الحاسدين الحاقدين، واما من المغرورين المخدوعين، واما من اعداء الاصلاح والدين حتى غزتها الجيوش العثمانية في عقر دارها، فأوقفت سيرها وشلت نشاطها بالقضاء على دعاتها وابادة القائمين عليها من حكام الحكومة السعودية الاولى ورجال العلم من ابناء الشيخ محمد واحفاده " [علماء نجد: 3/ 949]
¥