تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما بناء ذلك على كون وجود الشيء عين ماهيته أو ليس عينها. فهو من الغلط المضاف إلى ابن الخطيب. فإنا وإن قلنا: إن وجود الشيء عين ماهيته، لا يجب أن يكون الاسم مقولا عليه وعلى نظيره الاشتراك اللفظي فقط، كما في جميع أسماء الأجناس. فإن اسم "السواد " مقول على هذا السواد وهذا السواد بالتواطؤ. وليس عين هذا السواد هو عين هذا السواد، إذ الاسم دال على القدر المشترك بينهما، وهو المطلق الكلي، لكنه لا يوجد مطلقاً كلياً بشرط الإطلاق إلا في الذهن، ولا يلزم من ذلك نفي القدر المشترك بين الأعيان الموجودة في المخارج، فإنه على ذلك تنتفي الأسماء المتواطئة، وهي جمهور الأسماء الموجودة في اللغات. وهي أسماء الأجناس اللغوية، وهو الاسم المطلق على الشيء و على كل ما أشبهه. سواء كان اسم عين، وأو اسم الجنس في اللغة يدخل فيه الأصناف والأجناس والأنواع، ونحو ذلك. وكلها أسماء متواطئة، وأعيان مسمياتها في الخارج متميزة.

وطلب بعضهم إعادة قراءة الأحاديث المذكورة في العقيدة، ليطعن في بعضها فعرفت مقصوده.

فقلت: كأنك استعددت للطعن في حديث الأوعال. حديث العباس بن عبد المطلب، وكانوا قد تعنتوا حتى ظفروا بما تكلم به زكي الدين عبد العظيم، من قول البخاري في تاريخه: عبد الله بن عميرة، لا يعرف له سماع من الأحنف.

فقلت: هذا الحديث - مع أنه رواه أهل السنن. كأبي داود، و الترمذي، وابن ماجه، وغيرهم - فهو مروي من طريقين مشهورين. فالقدح في أحدهما لا يقدح في الآخر.

فقال: أليس مداره على ابن عميرة، وقد قال البخاري: لا يعرف له سماع عن الأحناف؟.

فقلت: قد رواه إمام الأئمة ابن خزيمة في كتاب التوحيد الذي اشترط فيه أنه لا يحتج فيه بما نقله العدل عن العدل موصولا إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

قلت: والإثبات مقدم على النفي، والبخاري إنما نفي معرفته لسماعه من الأحنف، لم ينف معرفة الناس بهذا، فإذا عرف غيره - كإمام الأئمة ابن خزيمة - الإسناد، كانت معرفته وإثباته مقدماً على نفي غيره، وعدم معرفته، ووافق الجماعة على ذلك.

وأخذ بعض الجماعة يذكر من المدح ما لا يليق أن أحكيه.

وأخذوا يناظرون في أشياء لم تكن في العقيدة، ولكن لها تعلق بما أجبت به في مسائل، ولها تعلق بما قد يقهمونه من العقيدة.

فأحضر بعض أكابرهم كتاب الأسماء و الصفات، وللبيهقي فقال: هذا فيه تأويل الوجه عن السلف.

فقلت: لعلك تعنى قول تعالى:. فأينما تولوا فثم وجه الله. ()؟

فقال: نعم. قد قال مجاهد و الشافعي: يعنى قبلة الله.

فقلت: نعم. هذا صحيح عن مجاهد، والشافعي وغيرها. وهذا حق، و ليست هذه الآية من آيات الصفات، ومن عدها في الصفات فقد غلط، كما فعل طائفة، فإن سياق الكلام يدل على المراد، حيث قال: ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله والمشرق والمغرب: الجهات. والوجه: هو الجهة - يقال: أي وجه تريد؟ - أي جهة. وأنا أريد هذا الوجه. أي هذه الجهة - كما قال تعالى: ولكل وجهة هو موليها، و لهذا قال: فأينما تولوا فثم وجه الله - أي تستقبلوا وتتوجهوا. والله أ‘لم.

****

قال ابن عبد الهادي:

هذا آخر ما علقه الشيخ فيما يتعلق بالمناظرة، بحضرة نائب السلطان و القضاة، و الفقهاء، وغيرهم، بالقصر.

كتاب السلطان بإرسال الشيخ إلى مصر

وفي يوم الاثنين خامس شهر رمضان من سنة خمس وسبعمائة وصل كتاب السلطان بالكشف عما كان وقع للشيخ تقي الدين، في ولاية سيف الدين جاغان، وفي ولاية القاضي إمام الدين وبإحضاره وإحضار القاضي نجم الدين بن صصري إلى الديار المصرية.

فطلب نائب السلطنة الشيخ وجماعة من الفقهاء، وسألهم عن تلك الواقعة، وقرئ عليهم المرسوم.

فأجاب كل منهم بما كان عنده من تلك القضية، وكتبه عنهم صاحب الديوان محي الدين، و القاضي نجم الدين إلى مصر على البريد، و خرج مع الشيخ خلق كثير، و بكوا وخافوا عليه من أعدائه.

وأخبرت: أن نائب السلطنة كان قد أشار على الشيخ بترك التوجه إلى مصر، وأنه بكاتب في ذلك فامتنع من ذلك، ولم يقبل وذكر أن في توجهه إلى مصر مصالح كثيرة.

وقرأت بخط بعض أصحاب الشيخ، قال:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير