تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

" من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه. فإنه من فارق الجماعة قيد شبر فمات (إلا مات) ميتة جاهلية " ().

ومأمور أيضاً - مع ذلك - أن أقول وأقوم بالحق حيثما كنت، لا أخاف في الله لومة لائم، كما أخرجا في الصحيحين عن عبادة بن الصامت قال

" بايعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - علي السمع والطاعة في يسرنا وعسرنا ومنشطنا ومكرهنا، وأثرة () علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله وأن نقول - أو نقوم - بالحق حيثما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم " () فبايعهم على هذه الأصول الثلاثة الجامعة، وهي الطاعة في طاعة الله، وإن كان الأمير ظالما، وترك منازعة الأمر أهله، والقيام بالحق بلا مخافة من الحق.

والله سبحانه قد أمر في كتابه - عند تنازع الأمة - بالرد إلى الله ورسوله، لم يأمر عند التنازع إلى شيء معين أصلا وقد قال الأئمة: إن أولى الأمر صنفان: العلماء والأمراء، وهذا يدخل فيه مشايخ الدين وملوك المسلمين، كل منهم يطاع فيما إليه من الأمر، كما يطاع هؤلاء فيما يأمرون به من العبادات، ويرجع إليهم في معاني القرآن والحديث والإخبار عن الله، وكما يطاع هؤلاء في الجهاد، وإقامة الحدود ونحو ذلك مما يباشرونه من الأفعال التي أمرهم الله بها.

وإذا اتفق (المسلمون) () على أمر فإجماعهم حجة قاطعة. فإن أمة محمد لا تجتمع على ضلالة ()؛ وإن تنازعوا فالمرد إلى الكتاب والسنة. وهذه القضية: قد جري فيها ما جري، مما ليس هذا موضع ذكره، وكنت تبلغني بخطابك وكتابك من الشيخ ما تبلغني. وقد رأيت وسمعت موافقتي على كل ما فيه طاعة الله ورسوله، وعدم التغاتي إلى الظالم لحظوظي، أو مقابلة في يؤذيني، ووتيقنت هذا مني. فما الذي يطلب من المسلم فوق هذا؟

وأشرت بترك المحاقة () ولين الجانب وأنا مجيب إلى هذا كله. فجاء الفتاح () أولا، فقال: يسلم عليك النائب. وقال: إلى متي يكون المقام في الحبس؟ أما تخرج؟ هل أنت مقيم على تلك الكلمة أم لا؟ وعلمت أن الفتاح ليس في استقلاله بالرسالة مصلحة، لأمور لا تخفى.

فقلت له: سلم على النائب وقل له: أنا ما أدري ما هذه الكلمة؟ وإلى الساعة لم أدري؟ على (أي) () شيء حبست؟ ولا علمت ذنبي. وإن جواب هذه الرسالة لا يكون مع خدمتك، لما يرسل من ثقافة () الذين يفهمون ويصدقون أربعة أمراء، وليكون الكلام معهم مضبوطا عن الزيادة والنقصان. فأنا قد علمت ما وقع في هذه القضية من الأكاذيب. فجاء بعد ذلك الفتاح، ومعه شخص، عرفته. لكن ذكر لي أنه يقال له: علاء الدين الطيبرسي. ورأيت الذين عرفوه أثنوا عليه بعد ذلك خيراً، وذكروه بالحسنى، ولكنه لم يقل ابتداء من الكلام ما يحتمل الجواب بالحسنى فلم يقل: الكلمة التي أنكرت: كيت وكيت و استفهم هل أنت مجيب إلى كيت وكيت؟ ولو قال ما قال من الكذب على والكفر والمجادلة على الوجه الذي يقتضي الجواب بالحسنى لفعلك ذلك؛ فإن الناس يعلمون أني من أطول الناس، روحاً، وصبراً على مر الكلام، وأعظم الناس عدلا في المخاطبة لأقل الناس، دع ولاة الأمور، لكنة جاء مجئ المكره على أن أوافق إلى ما دعا إليه، وأخرج درجا فيه من الكذب والظلم، والدعاء إلى معصية الله، والنهى عن طاعته: ما الله به عليم.

وجعلت كلما أردت أن أجيبه وأحمله رسالة يبلغها لا يريد أن يسمع شيئاً من ذلك و يبلغه، بل لا يريد إلا ما مضمونه الإقرار بما ذكر. والتزام عدم العودة إليه. والله تعالى يقول ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم ()

فمتي ظلم المخاطب لم نكن مأمورين أن نجيبه بالتي هي أحسن، بل قال أبو بكر الصديق لعروة بن مسعود بحضرة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - لما قال " إني لأري أوباشاً من الناس خليقاً أن يفروا ويدعوك " -: " امصص بظر اللات ()، أنحن نفر عنه وندعه؟

ومعلوم أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين من كانوا وقد قال تعالى

. ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين. . ()

فمن كان مؤمناً فهو الأعلى - كائناً من كان - ومن حاد الله ورسوله، فقد قال تعالى:

(إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين. ()

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير