تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الشرع المنزل و هو ما جاء به الرسول، و هذا يجب اتباعه، ومن خالفه و جبت عقوبته.

والثاني: الشرع المؤول، وهو آراء العلماء المجتهد فيها، كمذهب مالك و نحوه، فهذا يسوغ اتباعه، و لايجب، و لا يحرم، و ليس لأحد أن يلزم عموم الناس به، و لا يمنع عموم الناس منه

و الثالث: الشرع المبدل، وهو الكذب على الله و رسوله، أو على الناس: شهادات الزور و نحوها، و الظلم البين، فمن قال: إن هذا من شرع الله، فقد كفر بلا نزاع، كمن قال: إن الدم و الميتة حلال، و لو قال: هذا مذهبي، و نحو ذلك.

[مخالفة الخصوم لائمتهم]

فلو كان الذي حكم به ابن مخلوف، هو مذهب مالك أو الأشعري: لم يكن له أن يلزم جميع الناس به و يعاقب من لم يوافقه عليه. باتفاق الأمة، فكيف و القول الذي يقوله، و يلزم به هو خلاف نص مالك، و أئمة أصحابه، و خلاف نص الأشعري و أئمة أصحابه، كالقاضي أبي بكر، و أبي الحسن الطبري، و أبي بكر بن فورك، و أبي القاسم القشيري، و أبي البيهقي، و غير هؤلاء، كلهم مصرحون بمثل ما قلناه، و بنقيض ما قاله؟

ولهذا اصطلحت الحنبلية و الشعرية، و اتفق الناس كلهم و لما رأي الحنابلة كلام أبي الحسن الأشعري، قالوا: هذا خير من كلام الشيخ الموفق، وزال ما كان في القلوب من الأضغان، وصار الفقهاء من الشافعية و غيرهم يقولون: الحمد لله على اتفاق كلمة المسلمين. ثم لو فرض أن هذا الذي حكم به مما يسوغ فيه الاجتهاد: لم يكن له أن ينقض حكم غيره، فكيف إذا نقض حكم حكام الشام جميعهم بلا شبة، بل بما يخالف دين المسلمين بإجماع المسلمين:: و لو زعم أن حكام الشام مكرهون ففيهم ممن يصرح بعدم الإكراه غير واحد، و هؤلاء بمصر كانوا أظهر إكراهاً لما اشتهر عند الناس أنه فعل ذلك لأجل غرض الدولة المتعلق بالملك، و أنه لولا ذلك لتكلم الحكام بأِشياء، وهذا ثابت عن حكام مصر، فكيف؟ وهذا الحكم الذي حكم به مخالف لشريعة الإسلام من بضعة و عشرون وجهاً، و عامتها بإجماع المسلمين؟ و الوجوه مكتوبة مع الشرف محمد فينبغي أن يعرف الشيخ نصر بحقيقة الأمر و باطن القضية، ليطبها بتدبيره فأنا ليس مرادي إلا في طاعة الله و رسوله، و ما يخافه على جميع المصريين إلا من بعضهم في بعض، كما جرت به العادة، وقد سمعتم ما جري بدمشق، مع أن أولئك أقرب إلى الاتفاق - من تجديد القاضي المذكور إسلامه، عند القاضي الآخر، و أنا لما كنت هناك، كان هذا الأذرعي الحنفي قد ذهب إلى القاضي تقي الدين الحنبلي، و جدد إسلامه، و حكم بحقن دمه لما قام عليه بعض أصحابهم في أشياء. وكان من مدة - لما كان القاضي حسام الدين الحنفي مباشراً لقضاء الشام أراد أن يحلق لحية هذا الأذرعى، و أحضر الموس و الحمار ليركبه و يطوف به فجاء أخوه عرفني ذلك، فقمت إليه، ولم أزل به حتى كف عن ذلك، و جرت أمور لم أزل له فيها محسناً إليهم، وهذه أمور ليست من فعلي و لا فعل أمثالي، نحن إنما ندخل فيما يحبه الله ورسوله و المؤمنون، ليس لنا غرض مع أحد، بل نجزي بالسيئة الحسنة، و نعفو ونغفر. وهذه القضية قد انتشرت و ظهر ما فعل فيها، و علمه الخاص و العام، فلو تغيرت الأحوال حتى جاء أمير أو وزير له [عرض].في نقل ملك قد أثبته أو حكم به: لكان هذا عند المصريين من أسهل ما يكون، فيثبتون ردته، و المرتد أحكامه مردودة باتفاق العلماء، ويعود ضرره على الذين أعانوه و نصروه بالباطل، من أهل الدولة و غيرهم، وهذا أمر كبير لا ينبغي إهماله، فلشيخ خبير، يعرف عواقب الأمور.

وأنا و الله من أعظم الناس معاونة على إطفاء كل شر فيها و في غيرها، وإقامة لكل خير.

[تسامح الشيخ مع خصومه]

وابن مخلوف - ولو عمل مهما عمل - والله ما أقدر على خير إلا وأعمله معه، ولا أعين عليه عدوه قط، ولا حول ولا قوة إلا بالله، هذه نيتي و عزمي، مع علمي بجميع الأمور، فإني أعلم أن الشيطان ينزع بين المؤمنين، ولكن أكون عوناً للشيطان على إخواني المسلمين، ولو كنت خارجاً لكنت أعلم بماذا أعاونه، لكن هذه قد جعلوها مسألة دور، والله يخير للمسلمين جميعهم ما فيه الخير لدينهم ودنياهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير