" لا تتخذوا قبري عيداً ". وروي عنه أنه قال
" اللهم لا تجعل قبري و ثناً يعبد ". وقال له رجل
" ما شاء الله و شئت؟ فقال: اجعلتني لله نداً؟ بل ما شاء الله وحده " [آداب زيارة النبي.ولهذا قال العلماء: من زار قبر النبي. - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فإنه لا يستلمه و لا يقبله، ولا يشبه بيت المخلوق ببيت الخالق الذي يستلم و يقبل منه الركن الأسود، و يستلم الركن اليماني؛ و لهذا اتفق العلماء على أنه لا يشرع تقبيل شيء من الأحجار، ولا استلامه [إلا] الركنان اليمانيان، حتى مقام إبراهيم الذي بمكة لا يقبل و لا يتمسح به، فكيف بما سواه من المقامات و المشاهد؟
[عقيدة الخصوم في أهل القبور]
وأنت لما ذكرت لي ذلك اليوم [هذا] قلت لك: هذا من أصول الإسلام. فإذا كان القاضي لا يفرق بين دين الإسلام ودين النصارى الذين يدعون المسيح وأمه، فكيف أصنع أنا؟ و لكن من يتخذ نفيسة رباً، و يقول: إنها تجير الخائف، و تغيث الملهوف، و إنه في حسبها، و يسجد لها، و يتضرع في دعائها، مثل ما يتضرع في دعاء رب الأرض و السماوات، ويتوكل على حي قد مات، ولا يتوكل على الحي الذي لا يموت
فلا ريب أن إشراكه بمن هو أفضل منها يكون أقوى.
قال تعالى.
. قل من بيده ملكوت كل شيء، و هو يجير و لا يجار عليه إن كنتم تعلمون؟ سيقولون: لله. قل: فأني تسحرون؟
وحديث معاذ لما رجع من الشام فسجد للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقال: " ما هذا يا معاذ؟ فقال: رأيتهم في الشام يسجدون لأساقففهم، و يذكرون ذلك عن أنبيائهم، فقال: يا معاذ، أرأيت لو مررت بقبري أكنت ساجداً له؟ قال: لا. قال: فلا تسجد لي. فلو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها "
فمن لا ينهى الضالين عن مثل هذا الشرك المحرم بإجماع المسلمين كيف ينهى عما هو أقل منه؟ ومن دعا رجلا أو امرأة من دون الله. وفي الصحيح عن النبي ? أنه قال " لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم؛ فإنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله " ()
بل في سوغ أن يدعي المخلوق، ومنع كمال دعاء الخالق الذي فيه تحقيق صمديته و إلهيته: فقد ناقض الإسلام في النفي والإثبات، وهو شهادة أن لا إله إلا الله.
[الفرق بين التوسل الجائز والاستغاثة]
وأما حقوق رسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - بأبي هو وأمي - مثل تقديم محبته على النفس والأهل و المال، و تعزيره وتوقيره، وإجلاله و طاعته، واتباع سنته، و غير ذلك: فعظيمة جداً، وكذلك ما يشرع التوسل به في الدعاء، كما في الحديث الذي رواه الترمذي و صححه: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شخصاً أن يقول.
" اللهم إني أسألك و أتوسل إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد، يا رسول الله إني أتوسل بك إلى ربي في حاجتي لتقضيها، اللهم فشفعه في "
فهذا التوسل به حسن؛ () وأما دعاؤه والاستغاثة به فحرام.
و الفرق بين هذين متفق عليه بين المسلمين
المتوسل: إنما يدعو الله و يخاطبه، و يطلب منه، لا يدعو غيره إلا على سبيل استحضاره، لا على سبيل الطلب منه
وأما الداعي و المستغيث: فهو الذي يسأل يجيب المضطر إذا دعاه، و هو القريب الذي يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، و هو سميع الدعاء. سبحانه و تعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً وأنا قد صنعت كتاباً كبيراً سميته " الصارم المسلول، على شاتم الرسول " و ذكرت فيه [في] () المسألة ما لم أعرف أحداً سبق إليه، و كذلك هذه القواعد الإيمانية، قد كتبت فيها فصولا هي من أنفع الأشياء في أمر الدين.
ومما ينبغي أن يعرف به الشيخ: أني أخاف أن القضية تخرج عن أمره بالكلية، و يكون فيها ما فيه ضرر عليه، و على ابن مخلوف و نحوهما، فإنه قد طلب مني ما يجعل سبباً لذلك، و لم أجب إليه، فإني إنما أنا لون واحد، والله ما غششتهما قط، و لو غششتهما كتمت ذلك و أنا مساعد لهما على كل بر و تقوى.
و تعرفه، أن الأصل الذي تصلح عليه الأمور: رجوع كل شخص إلى الله و توبته إليه في هذا العشر المبارك، فإذا حسنت السرائر أصلح الله الظواهر، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، وهذه قضية كبيرة. كلما جاءت تزداد ظهوراً وانتشاراً.
والسلام عليكم ورحمة الله و بركاته، و الحمد لله ..
نقل للفائدة
[email protected]