يذكرهم لم يدفنوه بحيلة
ويترك في زبل طريحاً مجدلاً
كمثل حمار ميت أو بهيمة
إلى غير هذا من أمور كثيرة
قباح وأفعال غزار ردية
بعد ذلك أخذ الملوك الكاثوليك في إذابة المجتمع المسلم وذلك بتغيير الهوية الإسلامية إذ قالت القصيدة:
وقد بدلت أسماءنا وتحولت
بغير رضا منا وغير إرادة
فآها على تبديل دين محمد
بدين كلاب الروم شر البرية
وآها على أسمائنا حين بُدلت
بأسماء أعلاج من أهل القيادة
وآها على أبنائنا وبناتنا
يروحون للباط في كل غدوة
يعلمهم كفراً وزوراً وفرية
ولايقدروا أن يمنعوهم بحيلة
وآها على تلك المساجد سورت
مزابل للكفار بعد الطهارة
وآها على تلك الصوامع علقت
نواقيسهم فيها نظير الشهادة
وآها على تلك البلاد وحسنها
لقد أظلمت بالكفر أعظم ظلمة
وصارت لعباد الصليب معاقلاً
وقد أمنوا فيها وقوع الاغارة
وصرنا عبيداً لا أسارى فنفتدي
ولا مسلمين منطقهم بالشهادة
ثم تتوجه القصيدة باستجداء السلطان لإنجادهم، وإنقاذهم من تلك المحنة فتقول:
فلو أبصرت عيناك ماصار حالنا
إليه لجادت بالدموع الغزيرة
فيا ويلنا يابؤس ماقد أصابنا
من الضر والبلوى وثوب المذلة
سألناك يا مولاي بالله ربنا
وبالمصطفى المختار خير البرية
عسى تنظروا فينا وفيما أصابنا
لعل إله العرش يأتي برحمة
فقولك مسموع وأمرك نافذ
وما قلت من شيء يكون بسرعة
ودين النصارى أصله تحت حكمكم
ومن ثم يأتيهم إلى كل كورة
فبالله يامولاي منوا بفضلكم
علينا برأي أو كلام بحجة
فأنتم أولوا الأفضال والمجد والعلا
وغوث عباد الله في كل آفة
كما طلب المسلمون أن يتوسط السلطان بايزيد الثاني لدى البابا في روما وذلك لما للسلطان من ثقل سياسي في أوروبا فقال:
فسل بابهم أعني المقيم برومة
بماذا أجازوا الغدر بعد الأمانة
ومالهم مالوا علينا بغدرهم
بغير أذىً منا وغير جريمة
وجنسهم المقلوب في حفظ ديننا
وأحسن ملوك ذي وفاء أجلة
ولم يخرجوا من دينهم وديارهم
ولانالهم غدر ولاهتك حرمة
ومن يعط عهداً ثم يغدر بعهده
فذاك حرام الفعل في كل ملة
ولاسيما عند الملوك فإنه
قبيح شنيع لايجوز بوجهة
وقد بلغ المكتوب منكم إليهم
فلم يعلموا منه جميعاً بكلمة
ومازادهم إلا أعتداء وجرأة
علينا وإقداماً بكل مساءة
ويشير المسلمون أن توسط ملوك مصر لدى المسيحيين لم تجد شيئاً، بل زادوا تعنتاً فقالوا:
وقد بلغت ارسال مصر إليهم
ومانالهم غدر ولاهتك حرمة
وقالوا لتلك الرسل عنا بأننا
رضينا بدين الكفر من غير قهرة
وساقوا عقود الزور ممن أطاعهم
ووالله مانرضى بتلك الشهادة
لقد كذبوا في قولهم وكلامهم
علينا بهذا القول أكبر فرية
ولكن خوف القتل والحرق رونا
نقول كما قالوه من غير نية
ودين رسول مازال عندنا
وتوحيدنا لله في كل لحظة
بعد ذلك أوضح المسلمون للسلطان بايزيد أنه مع كل ذلك فإنهم متمسكون بالدين الإسلامي ويؤكدون ذلك بقولهم:
ووالله مانرضى بتبديل ديننا
ولا بالذي قالوا من أمر الثلاثة
وإن زعموا أنا رضينا بدينهم
بغير أذى منهم لنا ومساءة
فسل وحرا عن أهلها كيف أصبحوا
أسارى وقتلى تحت ذل ومهنة
وسل بلفيقاً عن قضية أمرها
لقد مزقوا بالسيف من بعد حسرة
وضيافة بالسيف مزق أهلها
كذا فعلوا أيضاً بأهل البشرة
وأندرش بالنار أحرق أهلها
بجامعهم صاروا جميعاً كفحمة
ويكرر المسلمون ويجددوا الاستغاثة بالدولة العثمانية بعد تقديم هذه الشكوى:
فها نحن يامولاي نشكو إليكم
فهذا الذي نلناه من شر فرقة
عسى ديننا يبقى لنا وصلاتنا
كما عاهدونا قبل نقض العزيمة
وإلا فيجلونا جميعاً عن أرضهم
بأموالنا للغرب دار الأحبة
فأجلاؤنا خير لنا من مقامنا
على الكفر في عز على غير ملة
فهذا الذي نرجوه من عز جاهكم
ومن عندكم تقضى لنا كل حاجة
ومن عندكم نرجو زوال كروبنا
وما نالنا من سوء حال وذلة
فأنتم بحمد الله خير ملوكنا
وعزتكم تعلو على كل عزة
فنسأل مولانا دوام حياتكم
بملك وعز في سرور ونعمة
وتهدين أوطان ونصر على العدا
وكثرة أجناد ومال وثروة
وثم سلام الله قلته ورحمة
عليكم مدى الأيام في كل ساعة
كانت هذه هي رسالة الاستنصار التي بعث بها المسلمون في الأندلس، لإنقاذ الموقف هناك، وكان السلطان بايزيد يعاني من العوائق التي تمنعه من إرسال المجاهدين، بالإضافة إلى مشكلة النزاع على العرش مع الأمير جم، وما أثار ذلك من مشاكل مع البابوية في روما وبعض الدول الأوروبية وهجوم البولنديين على مولدافيا والحروب في ترانسلفانيا والمجر والبندقية وتكوين التحالف الصليبي الجديد ضد الدولة العثمانية من البابا جويلس الثاني وجمهورية البندقية والمجر وفرنسا، وما أسفر عنه هذا التحالف من توجيه القوة العثمانية لتلك المناطق، ومع ذلك قام السلطان بايزيد بتقديم المساعدة وتهادن مع السلطان المملوكي الأشرف لتوحيد الجهود من أجل مساعدة غرناطة ووقعا اتفاقاً بموجبه يرسل السلطان بايزيد اسطولاً على سواحل صقلية بإعتبارها تابعة لمملكة اسبانيا، وأن يجهز السلطان المملوكي حملات أخرى من ناحية أفريقيا وبالفعل أرسل السلطان بايزيد اسطولاً عثمانياً تحول إلى الشواطئ الأسبانية، وقد أعطى قيادته إلى كمال رايس الذي أدخل الفزع والخوف والرعب في الأساطيل النصرانية في أواخر القرن الخامس عشر، كما شجع السلطان بايزيد المجاهدين في البحر بإبداء اهتمامه وعطفه عليهم، وكان المجاهدون العثمانيون قد بدأوا في التحرك لنجدة اخوانهم المسلمين، وفي نفس الوقت كانوا يغنمون الكثير من الغنائم السهلة الحصول من النصارى، كذلك وصل عددٌ كبير من هؤلاء المجاهدين المسلمين أثناء تشييد الأسطول العثماني، ودخلوا في خدمته بعد ذلك أخذ العثمانيون يستخدمون قوتهم البحرية الجديدة في غرب البحر المتوسط بتشجيع من هؤلاء المجاهدين وهذا الذي كان في وسع السلطان بايزيد الثاني فعله.
يتبع ...............................
¥