ـ[أبو سليمان العسيلي]ــــــــ[28 - 02 - 08, 09:45 م]ـ
المتوكل على الله ابن عبدالله الغالب السعدي
تولى أمر السعديين بعد وفاة عبدالله الغالب بالله ابنه المتوكل على الله الذي كان يضمر الشر لعميه عبدالملك ابي مروان وأحمد المنصور فخرجا من المغرب واتجها الى السلطان العثماني يستنجدوا به ()، وما من شك في أن انتصار العثمانيين في تونس ضد الاسبان واستتباب الأمر فيها، قد شجعهم على مساعدة المولى عبدالملك المطالب بالعرش المغربي، لبسط نفوذه على البلاد، ولأن الاستيلاء على المغرب يؤمن الحدود الغربية للدولة العثمانية، ويوطد أقدام العثمانيين في مجموع الشمال الأفريقي علاوة على أن ضم المغرب من شأنه أن يبعث الرعب في قلوب الاسبان والبرتغال ويبعثهم على طلب ود السلطان في استانبول.
تابع المتوكل على الله خطة والده في التقرب من الدول المسيحية ومسالمتها لصد العثمانيين، حيث لم يعد لديه شك في أنهم سينجدون عميه بقوات عسكرية فعقد اتفاقاً مع انجلترا، التي كانت ترغب في تجارتها مع المغرب للفوائد التي تعود على التجار الانجليز من وراء ذلك، زيادة على أنها تدرك الأهمية العظمى التي للمغرب، خصوصاً وقد كانت انجلترا في حالة حرب ضد اسبانيا وتوقيع المتوكل للاتفاقية التجارية مع الانجليز، يعد العمل الوحيد الذي قام به خلال حكمه القصير، وقد فعل ذلك باعتبار أن الانجليز كانوا من بين التجار الاجانب الذي يبيعون مواد الحرب من ذخائر وأسلحة للمغاربة منذ زمن بعيد، ولا تخفى علينا حاجة المتوكل في هذا الوقت الى السلاح لصد الخطر العثماني ولمقاومة عمه المطالب بالعرش.
وجدت الدولة العثمانية في انشغال ملك اسبانيا فيليب الثاني بأحداث أوروبا الغربية حيث ثورة الأراضي المنخفضة، فرصة مناسبة للتدخل في المغرب، فأمدوا المولى عبدالملك بجيش قوامه خمسة آلاف مقاتل مسلحين بأحسن الأسلحة، ودخل المولى عبدالملك فاس بعد أن أحرز انتصاراً كبيراً على ابن أخيه المتوكل وعاد الجيش أدراجه الى الجزائر.
وقام عبدالملك بإصلاحات في دولته من أهمها:
1 - أمر بتجديد السفن، وبصنع المراكب الجديدة، فانتعشت بذلك الصناعة عامة.
2 - اهتم بالتجارة البحرية، وكان للأموال التي غنمها من حروبه على سواحل المغرب سبب في انتعاش ونمو الميزان الاقتصادي للدولة.
3 - أسس جيشاً نظامياً متطوراً واستفاد من خبرة الجندية العثمانية وتشبه بهم في التسليح والرتب.
4 - استطاع أن يبني علاقات متينة مع العثمانيين وجعل منهم حلفاء واصدقاء وإخوة مخلصين للمسلمين في المغرب.
5 - فرض احترامه على أهل عصره، حتى الأوروبيين، احترموه وأجلوه قال الشاعر الفرنسي أكبريبا دو بين المعاصر لأحداث هذه الفترة: (كان عبدالمك جميل الوجه، بل أجمل قومه، وكان فكره نيراً بطبيعته، وكان يحسن اللغات الاسبانية والإيطالية والأرمنية والروسية، وكان شاعراً مجيداً في اللغة العربية، وباختصار، فإن معارفه لوكانت عند أمير من أمرائنا لقلنا إن هذه أكثر مما يلزم بالنسبة لنبيل، فأحرى لملك).
6 - أهتم بتقوية مؤسسات الدولة ودواوينها وأجهزتها، واستطاع أن يشكل جهازاً شورياً للدولة اصبح على معرفة بأمور الدولة الداخلية، وأحوال السكان عامة، وعلى دراية بالسياسة الدولية وخاصة الدول التي لها علاقة بالسياسة المغربية وكان أخوه أبوالعباس أحمد المنصور بالله الملقب في كتب التاريخ بالذهبي ساعده الأيمن في كل شؤون الدولة.
تحالف محمد المتوكل السعدي مع ملك البرتغال سبستيان:
كان محمد المتوكل بعد هزيمته من عمه عبدالملك قد اتصل بملك البرتغال سبستيان واتفق معه على أن يعينه على طرد عمه من حكم المغرب، وأن يتنازل له مقابل ذلك عن جميع شواطئ المغرب، فقبل سبستيان ذلك العرض المغربي.
انتقل المتوكل الى سبته وأقام بها أربعة شهور، ومنها اتجه الى طنجة في انتظار دون سبستيان على رأس القوات العسكرية.
وفي أثناء استعدادات الدول المسيحية وخاصة البرتغال للوثوب على المغرب، وإخضاعه بالكامل، أرسل العثمانيون مدربين وأسلحة متنوعة، واشفعوا في ذلك بفيلق عسكري، حيث تتجلى هنا الروح الاسلامية في الدفاع عن عقيدتهم لأن المعركة معركة المسلمين جميعاً وخصوصاً الدولة العثمانية التي كانت تحمل على عاتقها حماية المسلمين واراضيهم بعيدة عن المصالح المادية.
¥