تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

1 - أصبح سلطان المغرب بعد عبدالملك أحمد المنصور بالله الملقب بالذهبي وبويع بعد الفراغ من القتال بميدان المعركة، وذلك يوم الاثنين 30 جمادى الآخرة سنة ست وثمانين وتسع مئة للهجرة.

2 - وصلت أنباء الانتصار بواسطة رسل السلطان أحمد الذهبي الى مقر السلطنة العثمانية، وفي زمن السلطان مراد خان الثالث، والى سائر ممالك الاسلام المجاورة للمغرب وغيرها، وحل السرور بالمسلمين وعم السعد في ديارهم ووردت الرسائل من سائر الاقطار مهنئين ومباركين للشعب المغربي نصرهم العظيم.

3 - ارتفع نجم الدولة السعدية في آفق العالم وأصبحت دول أوروبة تخطب ودها واضطر ملك البرتغال الجديد وملك اسبانيا أن يرسلوا وفوداً محملة بالهدايا الثمنية. ثم قَدِمَتْ رسل السلطان العثماني مهنئة ومباركة ومعهم هدياهم الثمينة وبعدها رسل ملك فرنسا واصبحت الوفود (تصبح وتمسي على اعتاب تلك القصور).

4 - سقط نجم نصارى البرتغال في بحار المغرب واضطربت دولتهم، وضعفت شوكتهم، وتهاوت قوتهم.

يقول لويس ماريه -المؤرخ البرتغالي- واصفاً نتائج المعركة:

" وقد كان مخبوءاً لنا في مستقبل الاعصار، العصر، الذي لو وصفته -كما وصفه غيره من المؤرخين- لقلت: هو العصر النحس البالغ النحوسة، الذي انتهت فيه مدة الصولة والظفر والنجاح، وانقضت فيه أيام العناية من البرتغال، وانطفأ مصباحهم بين الأجناس، وزال رونقهم، وذهبت النخوة والقوة منهم، وخلفها الفشل الذريع، وانقطع الرجاء واضمحل إبان الغنى والربح، وذلك هو العصر الذي هلك فيه سبستيان في القصر الكبير في بلاد المغرب".

5 - مات في تلك المعركة ثلاثة ملوك، صليبي حاقد سبستيان ملك البرتغال، وملك مخلوع خائن محمد المتوكل، ومجاهد شهيد، عبدالملك المعتصم بالله.

6 - سارع البرتغاليون النصارى بفكاك أسراهم ودفعوا أموالاً طائلة للدولة السعدية.

7 - سادت فترة هدوء ورخاء وبناء وازدهار في العلوم والفنون والصناعات في بلاد المغرب.

8 - حدث تحول جذري في التفكير والتخطيط على مستوى أوروبا حيث رأوا أهمية الغزو الفكري لبلاد المسلمين، لأن سياسة الحديد والنار تحطمت أمام إرادة الشعوب الاسلامية في المشرق والمغرب.

استمر احمد المنصور على منهج أخيه في بناء المؤسسات واقتناء ماوصلت إليه الكشوفات العلمية وتطوير الادارة والقضاء والجيش، وترتيب الأقاليم وتنظيمها، وكان أحمد المنصور يتابع وزراءه وكبار موظفيه ويحاسبهم على عدم المحافظة على أوقات العمل الرسمية، أو التأخير في الرد على المراسلات الإدارية والسياسية.

وأحدث حروف لرموز خاصة بكتابة المراسلات السرية حتى لايعرف فحواها إذا وقعت في يد عدو، وهذا يدل على اهتمامه الشخصي بجهاز الأمن والاستخبارات التي تحمي به الدولة من الاخطار الداخلية والخارجية.

واهتم بالجهاز القضائي، وفصل السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية تماماً، ومنع السلطة التنفيذية من التدخل في السلطة القضائية.

وقد قارن مؤرخ فرنسي بين القضاء الأوروبي والقضاء المغربي في القرنيين الحادي عشر والثاني عشر الهجريين (16، 17م) فقال: "في الوقت الذي كانت أوروبة في العصر السعدي يحتفظ الملوك فيها وحدهم بحق الحكم في عدد من القضايا، فإن الملوك السعديين لا ينظرون إلا في القضايا المرفوعة ضد رجال السلطة، وهذا ماكان يدعى بقضاء المظالم.

وترأس أحمد المنصور مجلس المظالم وجعله في جامع القصبة في مراكش، بجوار قصره وشكل لجنة تراقب مجرى القضاء في الاقاليم ويهتم بمطالعة ودراسة تقاريرهم بعناية واهتم بضبط الادارة وإحكام دولته وإقامة العدل على رعاياه وعمل على إقامة محطات في أرجاء البلاد يحرسها جنود مقيمون لا يبعد بعضهم عن بعض إلا بمسافة عشرين كيلومتراً بحيث يستطيع المسافرون والقوافل أن تمر عبر القرى والبوادي بأمن وسلام.

وطور عمل المؤسسات الاستشارية وأوجد مجلس الديوان أو مجلس الملاء واختصاصاته سياسية وقضائية وعسكرية، وهو أعلى مرجع قانوني للبلاد، إلا أنه لايستطيع أن يتجاوز أحكام السلطة القضائية، ولوكانت ضد المجلس كله أو بعض رجاله وكان مجلس الديوان من المرونة وسعة الافق بحيث يسمع بدخول المختصين أو ممثلين المدن والمراكز القروية عندما يقتضي الامر استشارات على نطاق شعبي واسع.

وطور السلطان احمد المنصور جيش دولته واقتدى بالنظام العثماني في التسليح والرتب واللباس واهتم بإسناد القيادات لمن أظهر كفاءة عسكرية عالية واثبتت الايام انه أهل لذلك ومن أهم هذه القيادات، إبراهيم محمد السُّفياني قائد الجبهة الامامية في وادي المخازن، وأحمد بن بركة، وأحمد العمري المعقلي.

ودعمّ جيشه بالوحدات الطبية من جراحين وغيرهم وأقام مستشفيات متنقلة ميدانية تستقبل الجرحى والمرضى في الحروب واهتم بتأهيل التقنيين المتخصصين في جيشه، وقام السعديون ببناء دار العدة لصناعة المدافع واهتموا بتطوير الأسطول، خصوصاً في مينائي العرائش وسلا.

ومد نفوذ الدولة السعدية نحو الجنوب وضم بلاد السودان الغربي إلى نفوذه ودخل في لعبة الموازنات الدولية بين الاسبان والانجليز والعثمانيين، وظهرت منه مواهب سياسية متميزة، واستطاع أن يحقق الأمن والأزدهار والرفاه والخصب لبلاده.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير