قِسْم ظَهَرَ بِالِاجْتِهَادِ أَنَّ الْحَقّ فِي هَذَا الطَّرَف، وَأَنَّ مُخَالِفه بَاغٍ، فَوَجَبَ عَلَيْهِمْ نُصْرَته، وَقِتَال الْبَاغِي عَلَيْهِ فِيمَا اِعْتَقَدُوهُ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ يَحِلُّ لِمَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ التَّأَخُّرُ عَنْ مُسَاعَدَة إِمَام الْعَدْل فِي قِتَال الْبُغَاة فِي اِعْتِقَادٍ. وَقِسْم عَكْس هَؤُلَاءِ، ظَهَرَ لَهُمْ بِالِاجْتِهَادِ أَنَّ الْحَقّ فِي الطَّرَف الْآخَر، فَوَجَبَ عَلَيْهِمْ مُسَاعَدَته، وَقِتَال الْبَاغِي عَلَيْهِ. وَقِسْم ثَالِث اِشْتَبَهَتْ عَلَيْهِمْ الْقَضِيَّة، وَتَحَيَّرُوا فِيهَا، وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُمْ تَرْجِيح أَحَد الطَّرَفَيْنِ، فَاعْتَزَلُوا الْفَرِيقَيْنِ، وَكَانَ هَذَا الِاعْتِزَال هُوَ الْوَاجِب فِي حَقِّهِمْ، لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ الْإِقْدَام عَلَى قِتَال مُسْلِم حَتَّى يَظْهَرَ أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِذَلِكَ، وَلَوْ ظَهَرَ لِهَؤُلَاءِ رُجْحَان أَحَد الطَّرَفَيْنِ، وَأَنَّ الْحَقّ مَعَهُ، لَمَا جَازَ لَهُمْ التَّأَخُّر عَنْ نُصْرَته فِي قِتَال الْبُغَاة عَلَيْهِ. فَكُلّهمْ مَعْذُورُونَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ، وَلِهَذَا اِتَّفَقَ أَهْل الْحَقّ وَمَنْ يَعْتَدُّ بِهِ فِي الْإِجْمَاع عَلَى قَبُول شَهَادَاتهمْ وَرِوَايَاتهمْ، وَكَمَال عَدَالَتهمْ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.اهـ
** قال ابن حجر في الفتح في كتاب المناقب ـ مناقب علي بن أبي طالب القرشي:
وكانت بيعة علي بالخلافة عقب قتل عثمان في أوائل ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، فبايعه المهاجرون والأنصار وكل من حضر، وكتب بيعته إلى الآفاق فأذعنوا كلهم إلا معاوية في أهل الشام فكان بينهم بعدما كان ..
... قال الحاكم في المستدرك (3/ 115):
«هذه الأخبار الواردة في بيعة أمير المؤمنين كلها صحيحة مجمع عليها، فأما قول من زعم أن عبد الله بن عمر،و أبا مسعود الأنصاري، وسعد بن أبي وقاص، وأبا موسى الأشعري، ومحمد بن مسلمة الأنصاري، وأسامة بن زيد قعدوا عن بيعته، فإن هذا قول من يجحد حقيقة تلك الأحوال ... ».
** قلت (صلاح الدين):
يستفاد مما سبق:
*حرص أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم على المودة والحب المتبادل رغم إختلافهم حيال هذه الفتنة.
* أنَّ عليّا رضي الله عنه لم ينزع كل عمال عثمان رضي الله عنه كما زعمت ذلك بعض المصادر.
*أنَّ عليّا لم يول أحداً من أهل بيته على الكوفة أو الشام أو مصر ـ وهي البلدان التي تتوفر بها القوة والأموال ـ كذلك لم يستعمل أحداً من آل البيت على المدينة عند خروجه منها، وهي عاصمة الخلافة.
*أنَّ من آثر اعتزال الفتنة لا يعني بالضرورة امتناعه عن البيعة.
* خطأ من ادّعى أن بيعة عليّ تخلف عنها الصحابة من السابقين الأولين من المهاجرين أو الأنصار.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه.
قال الأخ هشام بن بهرام
لا يصح بوجه وإذا أورد الضعيف بين علله، بينما في الأمثلة المذكورة أعلاه تساهل في الرواية والدراية وربما أتي من الهوى، فهذه مسألة تحتاج بحث وتحتاج كذلك تصويب وتوجيه منك بارك الله فيك.
ولا يفوتني أن أشكرك على سعة صدرك.
أخي الكريم لا بأس أن نستفيد من الجميع والعلامة ابن عبد البر بعيد عن الهوى المذموم وميله لعلي رضي الله عنه ميل محمود فهو أحد العشرة المبشرين وأحد الستة الذين اختارهم عمر رضي الله عنه وأحد الأربعة الخلفاء ولو نظرت لترجمة سيدنا عمر وقبله سيدنا الصديق رضي الله عنهما لو وجدت مثل هذا المدح والثناء والميل وهناك أقوال مأثورة عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وأحاديث كثيرة في المسند في حق سيدنا علي رضي الله عنه ذكرت كثيرا منها في مسائل وأقوال الإمام أحمد فهل هذا يدل على الهوى والميل الزائد؟!
هذا مثال لترجيح بغير دليل ولكن كما هو واضح من هذا الترجيح، فهو لا يشير من قريب ولا من بعيد لتفضيل أو غلو.
أخي الكريم أنت ذكرت عن ابن عبد البر أنه لم يعتمد على دليل ونحن ذكرنا لك دليلا هذا الدليل راجح أو مرجوح هذه مسألة أخرى تختلف فيها الأنظار
ـ[هشام بن بهرام]ــــــــ[01 - 07 - 10, 12:24 م]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا الحبيب ويشهد الله أني استفدت مما نقلت كثيرا.
¥