تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نشكركم شكرًا يكافئ ما أقدمتم عليه من عمل للإسلام وما تحملتم من مشاق كثيرة في إجابة الدعوة، لقد فارقتم في سبيل الله دياركم آمِّين مصر مجيبين داعي الله.

نشكركم شكرًا يكافئ عظمة الإيمان الذي في قلوبكم وقد أقمتم الحجج العملية على محبتكم لله ورسوله والمؤمنين، وسيكتب التاريخ لكم ولشعوبكم عمل عظماء الرجال.

لقد قام بكم هذا المؤتمر العظيم، وهو أول مؤتمر إسلامي عام، فليقم بكم إن شاء الله تعالى بناء الوحدة، ولتوثق بكم عروة الألفة عن فكر رشيد، ورأي سديد.

أيها السادة:

كان لزوال الخلافة ما تعلمون من الوقع الشديد في أنفس الشعوب الإسلامية، ولقد تجاوبت أصواتهم من الأرجاء البعيدة والنواحي المختلفة يتلمسون سبيلاً إلى الرشاد، ويتطلبون عقد مؤتمر إسلامي عام ينظر في الأمر من ناحية الدين، فنظر العلماء في ذلك نظرة خالصة لله تعالى، واجتمعوا اجتماعاً تاريخيًّا، وقرروا عقد المؤتمر على ما علمتم قيامًا بواجبهم الديني.

وقد أشير في أسباب هذا القرار إلى أن مركز الخلافة في نظر الدين الإسلامي ونظر جميع المسلمين له من الأهمية ما لا يعدله شيء آخر. لما يترتب عليه من إعلاء شأن الدين وأهله، ومن توحيد كلمة المسلمين وربطهم برباط قوي متين.

فوجب على المسلمين أن يفكروا في نظام الخلافة على قواعد توافق أحكام الدين الإسلامي، ولا تجافي النظم الإسلامية التي رضيها المسلمون نظمًا لحكمهم.

غير أن الضجة التي ترتبت على زوال الخلافة جعلت العالم الإسلامي في اضطراب لا يتمكن المسلمون معه من البت في هذه النظم وتكوين رأي ناضج فيها إلا بعد الهدوء، وبعد الإمعان والروية، وبعد معرفة وجهات النظر في مختلف الجهات. فاعملوا للإسلام ما يحفظه، وما يخلد لكم الذكر الجميل، مستعينين بالله مخلصين له الدين. (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) (الشورى: 13) ونرى من الواجب علينا أن نشكر للأمم الأخرى احترامهم لشؤوننا الخاصة.

ونسأل الله جل شأنه أن يهيئ لنا من أمرنا رشدًا، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم).

ثم أستأذن صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ أسعد الشقيري وأرتقي منبر الخطابة وألقي كلمة في تأثير الدعوة إلى المؤتمر، وقال: إنها دعوة مباركة، وقد لقيت آذاناً سامعة، وقلوبًا واعية، ونفى غير ذلك مما كان يقوله بعض الظانين.

ثم قال: إن المادة (الحادية عشرة) من النظام الداخلي للمؤتمر وضعت الخطب التي تلقى في المؤتمر تحت نظر لجنة، وكثير منا قد يخطب ارتجالاً، فأقترح تعديل المادة واستثناء الخطب.

فاستأذن صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ حسين والي في الكلام وقال:

إن الغرض من هذه المادة أن الخطب التي تكون مكتوبة تعرض على اللجنة للنظر فيها وتوزيعها على الجلسات كما يناسب موضوعاتها حتى تكون مهمة المؤتمر سهلة.

وأما الخطب الارتجالية والمناقشات اللفظية التي تدور عادة بين المتفاهمين فحضرات الأعضاء أحرار فيها بعد إذن الرئيس كما في النظام الداخلي للمؤتمر، فاكتفى الأستاذ الشقيري واقتنع بهذا.

ثم ألقى صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ حسين والي كلمة حيا فيها الحاضرين بما يناسب المقام وشكر لهم إجابتهم الدعوة. ودعا الله سبحانه وتعالى أن يوفق المؤتمرين لما فيه خير المسلمين.

ثم قال حضرة الأستاذ عبد العزيز الثعالبي أفندي:

أهذا النظام الذي وضع ليجري عليه المؤتمر في أعماله غير قابل للتعديل أم قابل له؟ فربما يكون فيه ما هو محتاج للتعديل.

فقال حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر الرئيس:

لقد وضع هذا النظام بعد استقصاء وبحث كثيرين.

واستأذن صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ حسين والي في الكلام وقال:

إن هذا النظام وضعه المجلس الإداري للمؤتمر وهو مؤلف من جمع كثير فيه الخبيرون بنظم المجالس النيابية الحديثة، وإذا رأيتم أن فيه ما قد يحتاج إلى تعديل فلا مانع من تقديم اقتراح بالطريقة النظامية.

فاقتنع حضرة الأستاذ الثعالبي أفندي بذلك.

ثم استأذن صاحب الفضيلة الأستاذ الشقيري وقال:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير