تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[موقع خاص بالشيخ الجليل عبد الغفار الدروبي]

ـ[ابن حمص]ــــــــ[20 - 03 - 09, 11:00 ص]ـ

رحل الشيخ عنا قبل أقل من شهرين، ووجدنا أن الإرث الذي قد تركه كان كبيرا، فالإرث الذي تركه من ميراث النبوة، فكما أن الأنبياء لم يخلفوا مالا ولا ضياعا، فإن الشيخ رحمه الله لم يذر شيئا من هذا، ولكنه ترك لنا حرصا شديدا على الطاعات، يعيي من بعده أن يصل إلى مثله، وتثمينا عاليا للأوقات، يعجز أهل الهمم العالية أن يضارعوه، ورغبة لا تفتر على نفع الناس، لا أن ينفعهم بمال وجاه، وإن كان هذا لا ينكر، فلم تكن تراه إلا وهو خير الناس، لأنه أنفعهم للناس، أنفعهم لهم، لأنه كان له هدف أسمى، وهو أن يزحزح الناس عن طريق النار، وأن يدلهم على طريق الجنة، تراه حينما تراه غاضبا لا لدرهم فقده، ولا لجاه لم يحزه، ولا لدنيا لم يصبها، بل يغضب حينما يرى الناس قد ازدحموا عند الصغائر، وقلوا عند العظائم، برزوا في السفساف، وارتدوا على أعقابهم في المهمات،لما رحل رحلة الحياة رحلها مع نفسه، وهو يعلو همة، ويتوقد عزيمة، ويرتقي عملا، ويزداد أملا، يحيا في دنياه كأنه يعيش أبدا، ويعمل لآخرته كأنه يموت غدا، زهد في الدنيا حتى ظن الناس أنه يبغضها، وأحب العمل فيها حتى حسب الغافل أنه من أحرص الناس عليها، لم يذهب فيها مذهب أؤلئك الزاهدين الجاحدين الذين ظنوا أنهم إن أهملوا واجبهم وجب على غيرهم أن يؤديه عنهم، ولا مذهب أؤلئك المنغمسين فيها الذين بسطت عليهم الدنيا، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسها غيرهم، فكادت تُهْلِكَهمْ كَمَا أَهْلَكَتْ من سواهم، عز عليها فهانت عنده، وترفع عنها فتواضعت له، تراكض أهلوها خلفه لما جمع اليأس مما عندهم، و هُرِعوا ورائه لما زهد بما في أيديهم، لم يحفل إلا أن يزداد علما فيرقى ليرتقي بالناس، وينتهب الخطا ليكون علمه العمل الدؤوب الذي يرضى به ليُرضى به عنه، لا يأبه لأمر يتساوى فيه جميع الناس، بل يتأهب لما يعجز عنه العظماء، وكأنه المتنبي حينما قال:

وشر ما قنصته راحتي قنص. شهب البزاة سواءٌ فيه والرخم

ويشرئبُّ لينافس في بابة "وفي ذلك فليتنافس المتنافسون"، وإذا كان الحال كذلك فمن يلحق بك يا أيها الأنموذج الذي غدا لنا مقياس الخير الذي نقيس عليه، ومن يجاري ركضك يا أيها السميدع الذي علا فحلق، فارتقى سماء المجد حتى لم يعد يُرى إلا أثره، ونحن هنا نحاول أن نجعلك السماء التي ينبغي أن نصل إليها في كل أعمالنا دنيا وأخرى، نستلهم العون ممن أعطاك فنسأله أن يعطينا كما أعطاك، لا ندعي أننا الأحسن، ولكن سنكون الأحسن إذا ما استطعنا أن نجمع أهل الخير حولنا، فنقول لهم إننا كثيرون بكم، قليلون من دونكم، عالون بتحلقكم حولنا، مرتكسون بتفرقكم عنا، فقراء إلى مشاركاتكم، أغنياء بإسهاماتكم، ثقتنا بكم، وعطاؤنا من خلالكم، يزدهي موقعنا حينما يحظى بنظراتكم التي تثريه وتغنيه، تتجدد حلته بما تكتبونه وبما تزودنا به من مواد، ولعل المقالة التي تزدهي به الصفحة الأولى تكون في المرة القادمة من أحدكم، كما كانت في المرة الأولى من خيِّرٍ منكم، والموقع للشيخ اسما، ولكل عمل صالح مميزٍ حكما، دمتم في عز ومجد وسؤدد.

عبد الغفار الدروبي الحفيد.

منقول عن الموقع

ـ[ابن حمص]ــــــــ[20 - 03 - 09, 11:01 ص]ـ

http://www.abdulgaffar.com

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير