ـ[أبو سليمان العسيلي]ــــــــ[11 - 04 - 08, 10:28 م]ـ
لجنة بحث المسائل الثلاث الأخيرة
من برنامج المؤتمر الإسلامي العام للخلافة بمصر
انعقدت اللجنة المؤلفة لبحث المسائل الثلاث الأخيرة من برنامج المؤتمر الإسلامي العام للخلافة بمصر للمرة الثالثة الساعة الحادية عشرة من برنامج صباح يوم الاثنين 5 ذي القعدة الحرام سنة 1344هـ (17 مايو سنة 1926) في دار المؤتمر برياسة حضرة صاحب السماحة السيد عبد الحميد البكري، وبحضور حضرات أصحاب الفضيلة والسعادة أعضائها ما عدا حضرات السيد محمد الصديق والسيد الميرغني الإدريسي والحاج عبد الله أحمد لغيابهم.
وبحضور محمد شكري رجب أفندي الكاتب المكلف بتدوين قراراتها، فتلى محضر الجلستين الماضيتين، فوافقت عليه اللجنة كما هو. ثم نظرت فيما يأتي:
أولاً: الاقتراح المرفوع إليها من سكرتارية المؤتمر بناءً على قرار لجنة الاقتراحات والأبحاث والخطب. وهو مقدم من حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ خليل الخالدي (ومرافق لهذا) فقررت اللجنة أن موضوعه داخل في أبحاث المؤتمرات التي ارتأت اللجنة انعقادها للبحث في تقرير أمر الخلافة.
ثانياً: في وضع تقرير يشمل بيان الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها رأيها في المسائل الثلاث الأخيرة المبينة في برنامج المؤتمر.
وبعد البحث والمداولة قررت اللجنة وضع هذا التقرير بالصورة الآتية:
(تتشرف اللجنة المشكلة للنظر في المسائل الثلاث الأخيرة من برنامج المؤتمر برفع تقريرها ببيان الاعتبارات التي بنت عليها رأيها في المسائل المحولة إليها ليقرر المؤتمر ما يراه، ورأيه مقرون بالتوفيق إن شاء الله.
إن للخلافة شأنًا عظيمًا بين المسلمين، وكان ذلك الشأن بارزًا بكل ما يتصور من مجد وعظمة أيام الخلفاء الراشدين، وأيام كانت كلمة المسلمين متحدة، وآمالهم متجهة نحو جهة واحدة من إعلاء كلمة الله تعالى ونصرة دينه، ورفع شأن الإسلام والمسلمين إلى أن ظهر الضعف فيهم، وتضاءل نفوذ الخلافة فأصبحت عبئًا ثقيلاً على من يتحملها حتى إن الأتراك نبذوها بدلاً من أن يروها عمادًا عظيمًا يبنون عليها مجدهم، ومسندًا هامًّا يسندون إليه ظهورهم، وعلى أثر ذلك اجتمعت هيئة كبار علماء مصر، وأصدرت قرارها المعروف بشأن الخلافة، فأثارت بذلك مسألة البحث فيها من جميع نواحيها.
ولقد اشتمل قرار العلماء على أن الإمام يحوط الدين وينفذ أحكامه ويدير شؤون الخلق على مقتضى النظر الشرعي وعلى أنه صاحب التصرف التام في شؤون الرعية وأن جميع الولايات تستمد منه، فعلم من ذلك أن أهم الشروط في الخليفة أن يكون له من النفوذ ما يستطيع معه تنفيذ أحكامه وأوامره، وأن يدافع عن بيضة الإسلام وحوزة المسلمين طبق أحكام الدين.
وهل من الممكن الآن قيام الخلافة الإسلامية على هذا النحو؟ إن الخلافة الشرعية بمعناها الحقيقي إنما قامت على ما كان للمسلمين في الصدر الأول من وحدة الكلمة واجتماع الممالك مما جعل الإسلام كتلة واحدة يأتمر بأمر واحد، ويخضع لنظام واحد كما ذكرنا آنفًا.
أما وقد تناثر عقد هذا الاجتماع، وأصبحت ممالكه وأممه متفرقة بعضها عن بعض في حكوماتها وإدارتها وسياستها وكثير من بنيها تملكته نزعة قومية تأبى على أحدهم أن يكون تابعًا للآخر فضلاً عن أن يرضخ لحكم غيره ويدخله في شؤونه العامة فمن الصعب تحققها الآن.
هذا إذا فرضنا أن الشعوب الإسلامية كلها كيان مستقل يحكم نفسه بنفسه على أن الواقع غير ذلك، فإن أكثر هذه الشعوب تابع لحكومات غير أهلية، وهنا يزداد أمر الخلافة الشرعية تعقيدًا لما يوجد بطبيعة هذه الحال من العلاقات والروابط الدقيقة من الأمم المستقلة فيها وغير المستقلة.
فإذا فرض أن أقيم خليفة عام للمسلمين فلا يكون له النفوذ المطلوب شرعًا، ولا تكون الخلافة التي يتصف بها خلافة شرعية بمعناها الحقيقي، بل تصبح وهمية ليس لها من النفوذ قليل ولا كثير.
إزاء هذه المصاعب التي تحول دون إيجاد الخلافة الشرعية بالنسبة للأحوال التي عليها الأمم الإسلامية، وإزاء الأهمية القصوى التي لمركز الخلافة وما يترتب على إقامتها بين المسلمين من المزايا والمنافع الكبرى.
قد قررنا القرار الآتي على المادة الرابعة من المواد التي نيط بنا النظر فيها على الوجه الآتي:
¥