تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يتحدث الكتاب أيضا عن دور اليهوديين خييرى وخودا سينافى فى المفاوضات التى أجراها مولاى الشيخ مع الإسبان للتنازل عن العرائش مقابل دعمهم له فى حروبه ضد أخيه.

وكان بمقدور اليهود أيضا التحكم فى مقابلات السلاطين المغاربة، وقد استخدموا هذه الإمكانية لصالحهم حتى عندما كان ذلك على حساب السلطان نفسه. وليس بوسعنا فى هذا الصدد سوى أن نبدى انبهارنا بفصاحة اليهودى موسى باياتشى، فقد كتب تقريرا عن رويل الهولندى، ظاهره العطف عليه ومضمونه يشكك فى قدرة الهولندى على القيام بأي عمل مهم، وهى مكيدة دبرت لرويل الذى كان يحتج على الصلاحيات الواسعة الممنوحة لليهود فى المغرب.

كانت دول أوروبية ـ هولندا و إسبانيا على وجه التحديد- ترغب فى أن تكون لها السيطرة على ميناء المعمورة المغربى من اجل التحكم فى نشاط القرصنة، ويقول الكتاب إن مولاى زيدان كان يدرس عرضين، وكان قد فوض باياتشى بالتفاوض مع الهولنديين، لكن باياتشى تجاوز صلاحياته واستغل ضعف موقف مولاى زيدان بعا أن استفحل أمر ابن أبى محلى. والمتابع لسيرة مولاى زيدان لا يملك إلا أن يبدى استغرابه إزاء هذه الرواية. لنا إذن وقفة مع الكتاب.

يتحدث الكتاب عن وساطة باياتشى بين الإسبان ومولاى الشيخ عام 1610 (سلم بمقتضاها ميناء العرائش إلى الإسبان)، ويتحدث كذلك عن وساطة باياتشى بين الإسبان ومولاى زيدان عام 1609. إذا وضعنا فى الاعتبار أن الوسيط فى هذه الأمور الشائكة يكون موضع ثقة السلطان عادة، وأنه خلال الأعوام المذكورة كان هناك صراع دموى على السلطة بين كل من مولاى زيدان ومولاى الشيخ، فلنا أن نشك فى صدق رواية الأحداث. إننا إذ نعرض الوثائق كما هى نأمل أن يقوم أحد المتخصصين العرب بشرح ما غمض علينا فهمه، أو بإجراء عملية نقد علمى لبعض الروايات التى لا تتفق مع ما نعلمه من حرص مولاى زيدان على انتهاج سيرة أبيه أحمد منصور الذهبى.

الكتاب يلقي الضوء كذلك علي حركة ابن أبى محلي في المغرب وتهديده لعرش مولاي زيدان ودور اليهودي باياتشي في الصراع علي السلطة.الجدير بالذكر أن ابن أبى محلي كان قد وعد بالحد من نفوذ اليهود وباتخاذ إجراءات ضدهم. لم يتأخر رد فعل اليهود، فكتب موسى باياتشى تقريرا بالهولندية يدافع فيه عن شرعية حكم مولاى زيدان ووجوب تقديم الدعم له.

هذا عن دور اليهود فى علاقات المغرب بالدول الأجنبية، وفى المجال الداخلى يوضح الكتاب أيضا أن اليهود كانوا يعملون فى الوظائف والمهام التى لا يأتمن الملوك المغاربة عليها مسلمين. وإذا كان الشىء بالشىء يذكر فلنا أن نضيف هنا أن بعض الملوك المسيحيين قد استخدم المسلمين كحراس شخصيين لهم من باب ثقتهم فيهم. و فى القرن العشرين، عندما استخدم الجنرال فرانكو حرسا خاصا من الجنود المغاربة وسط استهجان الشعب لذلك، أعلن فرانكو انه لم يبتدع شيئا وان الملوك الإسبان فى العصور الوسطى كانوا يستخدمون حراسا مسلمين.

لا ندرى مدى صحة الأخبار، ولا ما إذا كان إسلام بعض اليهود كان نتيجة دراسة أم لأسباب أخرى، فالكتاب يذكر أن كثيرا من اليهود فى المغرب قد تحولوا إلى الإسلام، وأن أحد اليهود - وكان اسمه سيباستيان باييث- قد أسلم وأصبح اسمه سليمان باشا و تولى منصبا رفيعا فى جيش السلطان مولاى الشيخ.

الأمر المثير للانتباه أن الوثائق تكشف أمرا خطيرا، وهو أن أحد اليهود كان بإمكانه "أن يقلد توقيع مولاي الشيخ مثل مولاى الشيخ نفسه "، ولنا أن نتخيل عدد وأهمية الوثائق التى يمكن أن يكون قد وقعها ذلك اليهودى.

لم يكن ذلك هو المظهر الوحيد لخيانة الثقة، إذ يبرز الكتاب أن اليهود قد أساءوا استغلال الصلاحيات المخولة لهم من قبل ملوك المغرب وانهم كانوا ينسبون إلى أنفسهم ألقابا تظهر فى النصوص الأجنبية للاتفاقيات ولا تظهر فى النصوص العربية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير