تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[دفاع الشيخ ابن باز عن الاسلام وأهله في تونس]

ـ[أبو السها]ــــــــ[13 - 03 - 08, 05:23 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

[دفاع الشيخ ابن باز عن الاسلام وأهله في تونس]

بقلم راشد الغنوشي

الرجال العظام في حياة الامم يشبهون الشمس في امتداد وعمق نفعها. وما من شك في أن العلامة المجاهد الشيخ ابن باز كان أحد أبرز الشموس التي طلعت على الامة في هذا القرن ليس فحسب بما أحيى من دارسات عقائد الإسلام وشرائعه وآدابه وبما أمات وطارد من بدع وضلالات، فجهده في ذلك معتبر مقدر، غير أن الرجل لم يكتف بالمهام المعروفة للعلماء من تأليف وتدريس وفتيا بل ظل إلى جانب ذلك طوال عمره المديد -أجزل الله له المثوبة- يتابع عن كثب أحوال العالم الإسلامي وما يجري فيه من تطورات وما يدور فيه من صراعات بين القرآن والعلمانية، بين الدعاة والطغاة فينخرط بكل ثقله في كل معركة الإسلام طرف فيها منتصرا للقرآن والسنة داحضا مذاهب الكفر والضلالة على اختلافها ذابا بكل ما أوتي عن الدعاة كلفه ذلك ما كلفه لا يلقي بالا لمنزلة هذا الذي يتورط في النيل من الكتاب والسنة رئيسا كان أم مرؤوسا مشهورا كان أم مغمورا بل إن حملته على المتورط تشتد بقدر ما تعلو منزلته في الرئاسة والشهرة محذرا إياه من غضب الله مهددا ومنذرا، ولكن دون أن يحمله غضبه على النيل من شخص المخالف والحط منه أو تملقه فهو يتلطف ويبالغ في اللطف ولكن في غير أدنى مجاملة أو مواربة. ورغم أن الرجل يعتبر أهم رموز المدرسة السلفية المعاصرة المعروفة بتشدد موقفها العقدي والفقهي في مسائل كثيرة كالبدع وفي النظر إلى المدارس والمذاهب المخالفة إلا أن الشيخ ابن باز اشتهر مع ذلك بالإنصاف وشدة التحري ورفض الاستدراج إلى النكير دون بينة جلية مع الحرص على التماس العذر للمخالف وإقامة الحجة قبل الإعلان والتشهير. وإن مجرد وجود غلبة ظن أو يقين أن للمخالف حجة أو شبه حجة أو تأويل وإن يكن ضعيفا فإن ذلك كاف لحمل الشيخ على احترامه وإيفائه حقوق الاخوة العامة في الدين كالنصح والنصرة والإكرام، وهو ما جعل من الشيخ حصنا للدعوة الإسلامية ومحضنا دافئا لحملتها مهما تباعدت بهم الأمصار وتوزعتهم الاجتهادات.

وحتى ندلل على مقالتنا هذه بمثال تطبيقي نكتفي بحديث مختصر عن جهد الشيخ رحمه الله في نصرة الإسلام ودعاته في تونس.

في عنق كل مسلم تونسي دين لابن باز رحمه الله:

لقد ابتليت تونس بعد قرون طويلة من عز الإسلام وازدهار حضارته في أرضها عبر منارتيها جامع عقبة بالقيروان وجامع الزيتونة وتحولها قلعة لانطلاق فتوحاته في اتجاه أوروبا وإفريقيا، ابتليت بالاحتلال الفرنسي الغاشم الذي صمم على تهميش الإسلام ومؤسساته وزرع البديل الفرنسي عنهما، ولم تلبث تلك السياسة أن آتت أكلها إذ تخرج جيل تونسي الجلد فرنسي الهوى سرعان ما تمهد أمامه السبيل لافتكاك زمام الحركة الوطنية من الأيدي الزيتونية المتوضئة بعد أن نجح في خداع الناس بما أبداه من غيرة دينية مصطنعة. حتى إذا تمكن بزعامة بورقيبة كانت أولى قرارات دولة الاستقلال الإقدام على ارتكاب ما لم تجرؤ عليه فرنسا نفسها من غلق جامع الزيتونة الشهير ومصادرة القضاء الشرعي وتأميم الأوقاف التي كانت تمثل ثلث الملكية في البلاد مخصصة لخدمة التعليم الإسلامي والنفع العام وكذا الإجهاز على شرائع ثابتة في مجال الأسرة كتحريم التبني والتهجم على فريضة الصيام والوعد بإصدار قانون يسوي بين الأبناء الذكور والإناث في الإرث بزعم حق أولياء الأمور أن يطوروا الأحكام بحسب تطور مفهوم العدل ونمط الحياة [تونس، الإسلام الجريح ص49].ولم تتوقف حملة بورقيبة على الإسلام وعقائده وشرائعه عند هذا الحد بل بلغ اجتراؤه وهو يحاضر الطلبة حول تاريخ كفاحه ما كان ينقل على الهواء مباشرة حد رمي القرآن الكريم بالتناقض والسخرية بالجنة والنار وبشعيرة الحج [جريدة الصباح التونسية 21 مارس 1974]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير