تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لقد هالت ابن باز هذه الجراءة على أركان الإسلام من قبل رئيس دولة إسلامية طالما صفق له العالم الإسلامي خلال كفاحه لتحرير تونس من الاستعمار وعقد عليه الآمال العراض في استعادة العزة الإسلامية. فلم يلق بالا للاعتبارات الدبلوماسية وجرد قلمه لمجادلة رئيس الدولة الإسلامية المذكور موقفا له أمام فداحة ما اقترف مما هو كفر صريح داعيا إياه في غير مواربة إلى إعلان توبته.

ولم يكتف الشيخ ابن باز من موقعه كرئيس للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة بإصدار فتوى في هذا الشأن كما فعل عدد من أهل العلم والفتيا في العالم الإسلامي مثل الشيخ حسنين مخلوف مفتي الديار المصرية والشيخ أبي الحسن الندوي والشيخ عبد الله بن حميد والأستاذ محمد المجدوب والشيخ عبد الله المطوع والشيخ عصام العطار والشيخ عبد الله إبراهيم الأنصاري الذين اعتبروا تصريحات بورقيبة المذكورة ردة عن الإسلام وترديدا لافتراءات المستشرقين ودعوه للتوبة ودعا بعضهم مثل الشيخ عبد الله المطوع الجامعة العربية إلى تشكيل محكمة لمحاكمته وقطع العلاقات معه، لم يكتف الشيخ بذلك بل أصدر كتابا ناقش ودحض فيه ضلالات بورقيبة واتهاماته للقرآن الكريم بالتناقض والاشتمال على الخرافات ووصفه للنبي عليه السلام بأنه إنسان بسيط يسافر كثيرا في الصحراء ويستمع للخرافات السائدة التي نقلها إلى القرآن، وأن المسلمين ألهّوا النبي!!!.وقد انتهى الشيخ بعد دحضه لهذه الترهات بأدلة العقل والنقل إلى إصدار فتوى بردة بورقيبة وزندقته وأرسل إليه داعيا إياه إلى التوبة النصوح وإعلانها بطرق الإعلان الرسمية وتأكيد الاعتقاد الإسلامي الصحيح.

ثم إن الشيخ رحمه الله تداول الرأي في هذا الشأن الذي أقض مضجعه مع عدد من كبار أهل العلم والفتيا فأجمعوا على خطر هذه الافتراءات على الإسلام تصدر عن رئيس دولة إسلامية فقرروا مراسلة بورقيبة جماعيا لدعوته إلى المبادرة بالتوبة مما نسب إليه وإعلان عقيدته الصحيحة في الله سبحانه ورسوله عليه السلام وكتابه واليوم الآخر. وقد أمضى الرسالة إلى جانب ابن باز العلامة أبو الحسن الندوي والشيخ حسنين مخلوف وأبو بكر محمود جومي مفتي نيجيريا والدكتور محمود أمين المصري.

ولقد تلقى الشيخ ابن باز رحمه الله من طريق سفير تونس بالمملكة رسالة من ديوان بورقيبة كتبها الشاذلي القليبي يشكر الشيخ على نصحه ويذكره بكفاح بورقيبة من أجل الإسلام وتضمن دستور تونس أن الإسلام دين الدولة، فاعتبر الشيخ أن ذلك لا يكفي وشدد في مطالبة بورقيبة بإعلان توبة رسمية صريحة وأن في عدم إعلان ذلك دليلا على وقوعه والإصرار عليه.

لم يكتف الشيخ رحمه الله بهذه المراسلات لبورقيبة داعيا إياه إلى التوبة بل بادر لمّا عرف منه المراوغة والإصرار فلا هو أنكر صدور تلك الضلالات عنه ولا هو رضي بالتوبة منها بادر الشيخ بتأليف كتاب ضمنه تلك المراسلات ومناقشاته الداحضة لتلك الضلالات ثم دفعه إلى الطباعة وأذن في نشره وتوزيعه على الحجاج مجانا في عشرات آلاف من النسخ لتوعية المسلمين بخطر التطاول على حرمات الإسلام وتحصين الأمة من هذه الضلالات وردع أصحابها ومحاصرتهم بسلطة الرأي العام. وذلك هو الواجب الشرعي مع مرتكب الكبيرة إذ يستعلن بها ويصر عليها فلا يبقى غير واجب التشهير به والتحذير من ضلاله. وذلك ما صار إليه الشيخ مع رئيس دولة تتبادل معها المملكة التمثيل الدبلوماسي فلم يبال الشيخ بما يمكن أن يسببه ذلك من إحراجات لا سيما والشيخ الذي يقود هذه الحملة يتبوأ في الدولة موقعا رسميا وقتها: رئاسة الجامعة الإسلامية، ولكن الحق أحق أن يتبع، وإنما ساد الإسلام بمثل هذا الصنف من الرجال الذين نذروا حياتهم لله إحقاقا للحق وإبطالا للباطل.

ماذا أثمرت جهود الشيخ؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير