تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

["الدر المنظم فى مولد النبى المعظم" لأبى القاسم العزفى]

ـ[جمال عبد الرحمن]ــــــــ[16 - 03 - 08, 01:18 ص]ـ

من كتاب " الدر المنظم فى مولد النبى المعظم" للعزفى

نقلا عن المخطوطة رقم 10 فى المجموعة، ص. 84 إلى 85 ظهر، والمخطوطة رقم 1741 فى مكتبة الاسكوريال، ومخطوطة المتحف البريطانى رقم 919، ومخطوطة مسجد ينى ياسطنبول.

وانظروا إلى ما جرّ على أهل هذا الزمن الغيبة عن مجالس العلماء، والمزاحمة بالركب لأهل التقوى، وعصابة الهدى حاملى السنن القائمين بالحقّ لا يضرّهم منْ خالفهم فافتتن، لتمسكهم بمناهج السلف اللاحبة السنن. ولا تغترّوا بمنْ يُنسب إلى العلم وقد اتّبع فى طاعة النسوان والصبيان هواه، فصدّه ذلك عن أن يكون قوّاماً لله بالقسط ولواه، والله تعالى يتداركنا بتوبة نصوح تلحفنا برداء تقواه.

وإن تعجب أيها الناصح لنفسه فعجب من إحصائهم لتواريخهم والاعتناء بمواقيتها، فكثيراً ما يتساءلون عن ميلاد عيسى (على نبيِّنا وعليه السلام) وعن ينّير، سابع ولادته، وعن العنصرة، ميلاد يحيى (على نبيِّنا وعليه السلام) فما أعانهم التوفيق، ولا القرين المرشد، ولا الرفيق، أن يكون سؤالهم عن ميلاد نبيّهم محمّد (صلى الله عليه وسلم)، خيرة الله من خلقه، وذلك من شكر نعم الله علينا بعض واجبه وحقّه، هاديهم من ضلالتهم ومرشدهم من غيّهم، العزيز عليه عنتهم، الحريص على هديهم، الشديد عليه ضلالتهم وفتنتهم، الرءوف الرحيم، شفيعهم الذى ضوعف لهم به ثواب محسنهم وتجووز عن مسيئهم، بل جماهير عامّتهم ودهمائهم، بل الذين يدعونهم بطلبتهم وعلمائهم لا يعرفونه ولا يتعرّفون، بل يقتنعون بأنّه عندهم فى كتبهم ويكتفون، والحمد لله.

فقد انتهى اليوم إلى العذراء فى خدرها، والحرّة المصونة فى سترها، ليهلك منْ هَلَكَ عن بيّنة ويحيا من حيي عن بيّنة بقيام حجّتها وانقطاع عذرها، والله يعيذنا من الفتن ويقينا غوائل شرّها، آمين.

قال المؤلف (رضى الله عنه): وأضافوا للتخفىّ عنها بالسؤال، والمحافظة عليها والإقبال، من بدع وشنع ابتدعوها، وسنن واضحة أضاعوها، بموائد نصبوها لأبنائهم ونسائهم وصنعوها، وتخيّروا فيها أصناف الفواكه وأنواع الطرف وجمعوها، وتهادوا فيها بالتحف التى انتخبوها، والمدائن التى صوّروا فيها الصور واخترعوها، ونصب ذوو اليسار نصبات فى الديار، كما نصب أهل الحوانيت، فنضّدوها، فقوم أباحوا أكلها لعيالهم وقوم منعوها، وجلوها كالعروس لا تغلق دونها الأبواب، وفى منصّتها رفعوها، وبعضهم أكل من أطرافها، ثمّ باعوها.

ولقد ذكر لنا غير واحد من المسافرين أنّ النصبة ببعض بلاد الأندلس (جبرها الله وأمنها) يبلغ ثمنها سبعين ديناراً، أو يزيد على السبعين، لما فيها من قناطير السكّر وأرباع الفانيذ وأنواع الفواكه، ومن غرائر التمر وأعدال الزبيب والتين على اختلاف أنواعها وأصنافها وألوانها، وضروب ذوات القشور من الجوز واللوز والجلّوز والقسطل والبلوط والصنوبر إلى قصب السكّر ورائع الأترجّ والنارنج والليم. وفى بعض البلاد طاجن من مالح الحيتان ينفقون فيه ثلاثين درهماً، إلى نحوها. ولقد شاهدت فى بعض الأعوام سدّ الحوانيت ممّن لا يبيع ما يحتاجون إليه، كسوق القيسريّة والعطّارين وغيرها من الأسواق، وفى ذلك لضعفائهم من الدلاّلين وغيرهم قطع المعايش وتعذّر الأرزاق. ويطلقون الصبيان من المكاتب ويشربون بذلك قلوبهم حبّ البدع الرواتب. فهذه أفعالنا، فهل منّا من تائب لائم لنفسه معاتب؟.

وكان هذا فى ينّير، ثّم صنعوا نحواً منه فى العنصرة وفى الميلاد، فكيف ينشأ على هذه الفتنة إلا مصرّ عليها مائل إليها من الأولاد، إذ يلقون إليهم أنه من عمل مثل هذا العمل، لم يخل عامه ذلك من رغد العيش وسعة الرزق وبلوغ الأمل. وربّما جعلوا جمّارةً تحت أسرّتهم تفاؤلاً وأمارة ليكونوا فى عامهم ذلك أكسى من الجمّارة، فهل سمعتم يا أولي الألباب بأعجب من هذا العجاب، طاعة ذوى النهى والأحلام من الرجال إلى الولدان وربّان الحجال.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير