تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[النبي بين سفاهة اليوم وجراح الأمس]

ـ[هاني إسماعيل]ــــــــ[28 - 03 - 08, 05:25 م]ـ

النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بين سفاهة اليوم ... وجراح الأمس

ما أشبه الليلة بالبارحة

بالبارحة وقف النبي داعيا إلى ربه، مبشرًا ونذيرًا، فتعلم قريش حقيقة نبوته، وصدق مقولته، ولكنهم يجحدون وعلى الكفر يصرون، فرأس الكفر أبو جهل يقر بنبوة المصطفى عليه الصلاة والسلام، فيقول: "والله إني لأعلم إنه لنبي ولكن متى كنا لبني عبد مناف تبعاً؟ ".

ويقر الوليد بن المغيرة بمعجزة القرآن الخالدة قائلا: "والله لقد سمعت من محمد آنفاً كلاماً ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن، إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو وما يُعلى".

أما أبو سفيان - عندما سأله قيصر الروم - يقسم " وايم الله لولا مخافة أن يؤثر علي الكذب لكذبت" ويخبره قيصر الروم بصدق النبي فيقول لأبي سفيان ومن معه من العرب: "إن يكن ما تقول فيه حقا فإنه نبي وقد كنت أعلم أنه خارج ولم أكن أظنه منكم ولو أني أعلم أني أخلص إليه لأحببت لقاءه ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه وليبلغن ملكه ما تحت قدمي"، ومع ذلك ظل أبو سفيان معاندا ومعاديا لله ورسوله ردحا من الزمن.

وذلك أحد الأعراب يقول لمسيلمة الكذاب: "والله إني لأعلم أنك كذَّاب، وأعلم أن محمدًا صادقٌ، ولكن كذابُ ربيعة أحبُ إليَّ من صادق مُضر " ...

جحود ما بعده جحود ...

وعناد ما بعده عناد ...

...

أما الليلة؛

علم العالم بأسره - شرقا وغربا، عربا وعجما - صدق النبوة، وعظمة الرسالة، علم الغرب بكل لغاته أن محمدًا نبي يوحى إليه ورسول ما ينطق عن الهوى، جاء لإخراج الناس من ظلمات الجهل وضلالات الشرك إلى نور العلم وهداية الحق، علم الغرب ذلك علم اليقين، بعدما شهد أهله المنصفون بذلك.

يقول صاحب كتاب قصة الحضارة "ديورانت": "إذا حكمنا على العظمة ما كان للعظيم من أثر على الناس، قلنا بأن محمدًا كان من أعظم عظماء التاريخ"

أما الفيلسوف الإنجليزي "برناردوشو": "إن العالم هو أحوج ما يكون إلى رجل في تفكير محمد، وإذا أراد العالم النجاة من شروره فعليه بهذا الدين، إنه دين السلام والعدالة والسعادة، في ظل شريعة متمدينة محكمة لم تنس أمرًا من أمور الدنيا إلا رسمته ووزنته بميزان لا يخطئ أبدًا"

ويقول أيضا: "إن محمدًا يجب أن يدعي منقذ الإنسانية، إنني أعتقد لو تولى رجل مثله زعامة العالم الحديث لنجح في أن تحل مشاكله بطريقة تجلب إلى العالم السلام والسعادة، إن محمدًا هو أكمل البشر الغابرين والحاضرين ولا يتصور وجود مثله في الآتين".

ويقول "لا مارتين": "إن حياة مثل حياة محمد وقوة كقوة تأمله وتفكيره وجهاده ووثبته على خرفات أمته، وجاهلية شعبه، وثباته على ما لقيه من المشركين، إن كل ذلك أدلة على أنه لم يكن يضمر لأحد أذى، فهو فيلسوف وخطيب ورسول ومشرّع وهادٍ للإنسان إلى العقل ومؤسس دين لا فرية فيه".

وتوليستوي الروائي الروسي يقول: "لا ريب أن هذا النبي من كبار المصلحين الذين خدموا البشرية، ويكفيه فخرا أنه فتح لها طريق التقدم"

وما تلك الشهادات إلا غرفة من نبع لا ينضب من شهادات المنصفين، من مختلفي الجنسيات واللغات، ولكن من تسمع "لقد أسمعت إذا ناديت حيا ... ولكن لا حياة لمن تنادي"

هل يسمع لك من علم فجحد ..

ومن أيقن فكابر ..

ومن رأى فعاند ..

صدق الله إذ يقول: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام 33]

لو أنصف الغرب لقدروا النبي حق قدره، وما تجرؤوا ليهزؤوا من شخصه الكريم وقدره العظيم، وما تجرؤوا ليعادوا دينه الحنيف، {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ * خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ}. [البقرة 7:6]

امتلأت القلوب بظلمة الحقد، وصمت الآذان عن كلمات الصدق، وعميت الأعين من رؤية الحق {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ}. [آل عمران: 118]

...

كأني بالنبي يرفع يديه إلى السماء ينادي ربه "اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين أنت؛ ارحمني، إلى من تكلني؟ إلى عدو يتجهمني، أم إلى قريب ملكته أمري؟ إن لم تكن غضبانًا علي فلا أبالي، غير أن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن تنزل بي غضبك أو تحل علي سخطك، لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك" [ضعفه الألباني]

كأني بالنبي صلى الله عليه وسلم يطوف بالبلاد العربية كما كان يطوف بالقبائل العربية، ويردد قائلا:

من يؤويني ..

من ينصرني ..

حتى أبلغ رسالة ربي ..

وله الجنة ..

وكأني بالعرب تصم الآذان "حتى إن الرجل ليخرج من اليمن أو من مضر إلى ذي رحمه فيأتيه قومه فيقولون له: احذر غلام قريش لا يفتنك". [صحيح، رواه أحمد والحاكم]

وكأني بالنبي تحت الشجرة وأنصار النبي "في كل زمان" يقولون: "علام نبايعك يا رسول الله"، فيجيب بكلمات خالدة ودستور أبدي: (على السمع والطاعة في النشاط والكسل، والنفقة في العسر واليسر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتقولون في الله لا تخافون لومة لائم، وعلى أن تؤوني وتمنعوني - إذا قدمت إليكم ـ مما تمنعون منه أبناءكم وأزواجكم، ولكم الجنة) [صححه ابن حجر العسقلاني في فتح الباري]

فهل من مبايع

فهل من أنصار

فهل من مهاجرين

أخي: اقرأ التاريخ إذ فيه العبر ... ضل قوم ليس يدرون الخبر

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير