تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[عالم تلمسان ومفتيها: أبو العباس أحمد بن محمد بن زكري]

ـ[ابو مريم الجزائري]ــــــــ[07 - 04 - 08, 08:44 م]ـ

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

عالم تلمسان ومفتيها في زمانه: أبو العباس أحمد بن محمد بن زكري.

مدحه التنبكتي بقوله: " العالم الحافظ المتفنن الإمام الأصولي الفروعي المفسر الأبرع المؤلف الناظم الناثر" [نيل الابتهاج ص 84]

نسبه و مولده:

المفسر الفقيه الناظم الناثر المشارك أحمد بن محمد بن زكري المانوي أبو العباس المغراوي التلمساني، و المغراوي نسبة إلى قبيلة مغراوة البربرية، وهي فرع من قبيلة صنهاجة المشهورة، ولد بمدينة تلمسان حوالي سنة 830 هـ في عهد السلطان الزياني ابي العباس احمد المتوكل، توفي والده و هو صغير فكفلته أمه، و أشرفت على تربيته.

اتصاله بالعالم ابن زاغو:

بعد ان حفظ القرآن الكريم و تعلم بعض مبادئ اللغة العربية، و الكتابة في جامع صغير يقع بقرب منزلهم و نظرا لفقره الشديد و حاجة والدته لمن بنفق عنها فقد غادر الكتاب و لم بيلغ الثالثة عشر من العمر ليواجه مطالب الحياة و يشتغل في معمل (مشغل) صغير للنسيج (الطرز)، و كان يسكن بجوار هذا المشغل العالم الجليل أحمد بن زاغو، فكان مترجمنا كلما التقاه في غدوه و رواحه حياه بتحية الإسلام بكل أدب و حياء، مما لفت انتباه الشيخ ابن زاغو فاستوقفه مرة ليسأله عن سبب ذهابه إلى المشغل فيعلمه الطفل بانه يشتغل فيه طول النهار لكسب ما يسد رمقه و رمق والدته، و لما شاهده الشيخ عليه من ملامح النبوغ و الفطنة، فقد ذلب منه ان يستأذن له والدته ليحدثها في امر تعليمه على يديه، ففرح الغلام و التقى الشيخ بوالدة مترجمنا و اقنعها بان يلحقه بمدرسته ليتعلم مقابل ان يعطيها نصف درهم كل يوم.

و قد ذكر ابن مريم في كتابه البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان ص 39 – المطبعة الثعالبية 1926 م، هذه القصة لكنه قال:" ان ابن زاغو سمع ابن زكري يغني فاعجبه صوته و قال لما لا يكون هذا الصوت الجميل في قراءة و تجويد القرآن الكريم ومن ثم تكلم مع ابن زكري وذهب معه الى العجوز امه و قال لها ولدك هذا ما اجرته في الطراز فقالت له نصف دينار في الشهر، فقال لها انا اعطيك نصف دينار مسبقا في كل شهر و تدعيه يقرأ عندي، فقالت له اوتنصفني فيه؟

فاخرج من جيبه نصف دينار و دفعه لها، وشرع يقرأ عنده حتى وفاته.

شيخه محمد بن العباس:

بعد وفاة شيخه ابن زاغو انتقل للقراءة على يد محمد بن العباس: " فكان ينهض باكرا ليلتحق بمنطقة عباد خارج تلمسان و يرجع في المساء، و هنا يروي ابن مريم كيف انه في بعض الايام سقط الثلج بكثافة فلم يستطيع العودة فنام في اسطبل الشيخ فوق التبن الذي يستعمل لعلف الفرس، فلما جاءت الخادمة وجدته نائما فاخبرت الشيخ الذي كتب الى السلطان يطلب منه ان يمنح التلميذ بيتا في المدرسة السلطانية و قد وافق السلطان على هذا الطلب " فكتب له البيت برتبته و فرشه و سمنه زيته و فحمه و لحمه و جميع ما يمونه و كل هذا من بركة العلم و الحرص على طلبه ". [البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان ص 40].

وبعد ان تمكن من علوم شيه طلب منه ان يحضر دروسه التي يلقيها بالمسجد الجامع لتلمسان بحضرة السلطان الزياني الذي اعجبت بتدخلات مترجمنا الشاب و اسئلته الهادفة و فوائده التي كان يدلي بها بعد نهاية الدرس حيث ان من عادة العالم محمد بن العباس ان ينهى درسه بمناقشة يشارك فيها الحضور، و لما طلب السلطان التعرف على الشاب ابن زكري و إبن من هو؟ فقدمه له ابن العباس قائلا: " هذا ابن ذراعة " أي انه ابن ذراعه و لم يعتمد على نسب او جاه.

الوظائف التي شغلها:

لما ظهر من تمرسه في العلم من تفسير و فقه و منطق عين مدرسا في الجامع الكبير لإلقاء الدروس " و كان مشتغلا بالعلم والتدريس يكرر المسألة الواحدة ثلاثة ايام حتى يفهمها الخاص و العام و انتفع به المسلمون كلهم و كل من يحضر مجلسه " [البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان ص 41]، وقد بلغت شهرته الافاق و سمع به القاصي و الداني مما دعا بالسلطان إلى تعيينه في منصب الفتوى و هو لا يزال في ريعان الشباب، و قد تعرف على الشيخ السنوسي صاحب " العقيدة الصغرى " و تبادل معه المراسلات و كانت بينهما نقاشات و مجادلات فكرية و علمية نقلتها بعض كتب التراجم.

تلامذته:

اخذ عن ابن زكري الكثير من العلماء و المشايخ و من اشهرهم:

- الامام احمد زروق الخطيب

- الامام محمد ابن مرزوق حفيد الحفيد

- الشيخ ابو عبد الله محمد بن العباس

- الشيخ احمد بن الحاج المناوي.

وفاته:

توفي رحمه الله عن عمر يناهز الستين في أوائل صفر عام تسعمائة، و قد اخطأ الكثيرين ممن ترجموا له في تاريخ وفاته و الصحيح هو ما ذكرته بدليل (الوثيقة الحجرية الشاهد المكتشف في المقبرة القديمة لمدينة تلمسان المسماة بمقبرة القاضي و فيها الكتابة التالية: [هذا قبر الشيخ الفقيه الامام العلم المتفنن سيدي ابن العباس بن احمد بن محمد بن زكري المغراوي توفي رحمه الله اوايل (كذا) صفر عام تسعميا (كذا)، اعوذ بالله من الشيطان الرجيم '' الا ان أولياء الله لا خوف عليهم و لا هم يحزنون "] (1).

مؤلفاته:

تاليف في مسائل القضاء و الفتيا

المنظمة في علم الكلام (في علم المنطق و تحتوي على 1500 بيت)

شرح أصول العقيدة للإمام ابي المعالي الجويني.

أرجوزة في حساب المنازل و البروج.

كتاب القواعد في أصول الفقه.

كتاب الحقائق و الرقائق. (في الوعظ و التصوف).

و له فتاوي كثيرة منقولة في موسوعة المعيار المعرب للونشريسي.


هامش:
(1) - BROSSELARD : les inscriptions Arabes De Tlemcen : Revue Africaine 1861 ; P 161

المصادر و المراجع:

- ابن مريم " البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان" – المطبعة الثعالبية 1926 م.
- الحفناوي - تعريف الخلف برجال السلف – مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية 1985.
- اعلام الجزائر ,عادل نويهض، بيروت. ط 1980م.
- مجلة الثقافة: عدد 90 السنة 15 صفر / ربيع الاول 1406 هـ الموافق نوفمبر / ديسمبر 1985 م.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير