فلما كان العشي هاجت سحابة من سحائب الخريف فخرج عمه يتمطر تحتها فأصابته صاعقة فقتلته.
ففزعوا إلى ولده فإذا هم مُحَمَّقُونَ (3) ليس في أحد منهم خير، فمرج على الحبشة أمرهم، فقال بعضهم لبعض: تعلمون والله أن ملككم الذي لا يصلح أمركم غيره للذي بعتم الغداة! فإن كان لكم بأمر الحبشة حاجة فأدركوه قبل أن يذهب.
فخرجوا في طلبه فأدركوه، فردوه، فعقدوا عليه تاجه، وأجلسوه على سريره وملكوه.
فقال التاجر: ردوا علي مالي كما أخذتم مني غلامي.
فقالوا: لا نعطيك. فقال: إذا والله لأكلمنه.
فمشى إليه فكلمه فقال: أيها الملك إني ابتعت غلاماً فقبض مني الذين باعوه ثمنه، ثم عَدَوا على غلامي فنزعوه من يدي، ولم يردوا علي مالي.
فكان أول ما خبر من صلابة حكمه وعدله أن قال: "لَتَرُدُّنَ عليه مالَهُ، أو لتجعلن يد غلامه في يده فليذهبن به حيث شاءَ! "
فقالوا: بل نعطيه ماله. فأعطوه إياه.
فلذلك يقول: "ما أخذ الله مني الرشوة فآخذ الرشوة حين رد علي ملكي، وما أطاع الناس في فأطيع الناس فيه" (4).
يتبع إن شاء الله
الهوامش
(1) انظر: مشارق الأنوار للقاضي عياض (1/ 63)، وشرح صحيح مُسْلِم للنووي (7/ 22)، وغريب الحديث لابن الجوزي (2/ 275)، وسير أعلام النبلاء (1/ 436)، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين (3/ 109)، وفتح الباري للحافظ ابن حجر (3/ 203)، والمغرب في ترتيب المعرب للمطرزي (2/ 290)، وتاج العروس للزبيدي (17/ 404).
(2) يعني أن النجاشي كَانَ مقرباً لعمه، وَكَانَ نافذ الأمر عنده لذكائه وفطنته وحسن تدبيره وسياسته.
(3) أَيْ: حمقى لا يصلحون للملك وَلَيْسَ عندهم همة الملوك، بَلْ همهم اللعب والعبث.
(4) خرجه من حديث أم سلمة: ابن إسحاق فِي السيرة (4/ 193رقم282)، ومن طريقه: الإمام أحمد فِي المسند (1/ 202، 5/ 291)، وإسحاق بن راهويه فِي مسنده (4/ 71 - 74رقم1835)، وابن خزيمة فِي صَحِيحِهِ (4/ 13رقم2260)، وأبو نعيم فِي حلية الأولياء (1/ 115 - 116)، وَفِي دلائل النبوة (رقم196)، والبيهقي فِي السنن الكبرى (9/ 9)، وَفِي الأسماء والصفات (رقم430)، وَفِي شعب الإيمان (رقم82)، وابن الجوزي فِي المنتظم (2/ 381)، وفي تنوير الغبش فِي فضل السودان والحبش (ص/62 - 69رقم22)، وابن قدامة فِي الرقة والبكاء (رقم70) وغيرهم
ورَوَاهُ من حديث عائشة رضي الله عنهما: ابن إسحاق فِي السيرة (4/ 197رقم283)، ومن طريقه: إسحاق بن راهويه فِي مسنده (2/ 574 - 575رقم1149)، وغيره
ورواه َأَبُو نعيم فِي دلائل النبوة (رقم197)، والبيهقي فِي دلائل النبوة (2/ 301) من حديث أم سلمة ومن حديث عَائِشَة، وَلَم يسق أَبُو نعيم لفظ حَدِيثِ أم سلمة وضي الله عَنْهَا.
وإسناده صحيح.
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[20 - 04 - 08, 02:24 م]ـ
وأصحمة في عداد التابعين رضي الله عنه لأنه آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم ولم يلقه
ـ[محمد أبو عمر]ــــــــ[21 - 04 - 08, 09:06 ص]ـ
بارك الله فيك
ـ[وليد العوني]ــــــــ[25 - 04 - 08, 12:15 م]ـ
وأصحمة في عداد التابعين رضي الله عنه لأنه آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم ولم يلقهبل من المخضرمين وهو الذي أمن بالنبي صلى عليه وسلم ولم يلتقي به وهو حي
أما التابعي هو الذي أمن بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته
ونزل في المكتبات كتاب يتحدث عن النجاشي إسمه وقصة إسلامه وجمع روايات كثير وخرجها وقارن بينها ثم بدأ بتحليلها وهو أفضل من كتب عن شخصية النجاشي رضي الله عنه لدكتور الشيخ سليمان بن حمد العودة حفظه الله