اتجه التتار إلى غرب بحر قزوين حيث إقليم أذربيجان المسلم .. مر التتار في طريقهم على مدينة تبريز (كانت مدينة أذربيجانية في ذلك الوقت بينما هي الآن شمال إيران)، فقرر زعيم أذربيجان "أوزبك بن البهلوان" وكان يستقر في مدينة تبريز أن يصالح التتار على الأموال والثياب والدواب، ولم يفكر مطلقًا في حربهم، لأنه كان لا يفيق من شرب الخمر ليلاً أو نهارًا، ورضي التتار منه بذلك، ولم يدخلوا تبريز لأن الشتاء القارس كان قد حل، وتبريز في منطقة باردة جدًا، فاتجه التتار إلى الساحل الغربي لبحر قزوين، وبدءوا في اجتياح الناحية الشرقية لأذربيجان متجهين ناحية الشمال ..
اجتياح أرمينيا وجورجيا:
هذان الإقليمان يقعان في غرب وشمال أذربيجان، وقد اتجهوا إليهما قبل الانتهاء من مدن أذربيجان، لأنهم سمعوا بتجمع قبائل "الكرج" لهم، وقبائل الكرج هي قبائل وثنية ونصرانية تقطن في منطقة جورجيا الروسية، وكان بينهم وبين المسلمين قتال دائم، وقد علموا أن الخطر يقترب منهم فتجمعوا في مدينة تفليس (في جورجيا الآن)، وحدث قتال طويل بينهم وبين التتار انتهى بانتصار التتار، وامتلاك أرمينيا وجورجيا، وقُتِلَ من الكرج ما لا يحصى في هذه الموقعة ..
ماذا فعل جنكيز خان في سنة 617هـ بعد مطاردة "محمد بن خوارزم شاه"؟
بعد أن اطمأن جنكيز خان إلى هروب "محمد بن خوارزم شاه" زعيم البلاد في اتجاه الغرب، وانتقاله من مدينة إلى أخرى هربًا من الفرقة التترية المطاردة له، بدأ جنكيز خان يبسط سيطرته على المناطق المحيطة بسمرقند، وعلى الأقاليم الإسلامية الضخمة الواقعة في جنوب سمرقند وشمالها ..
وجد جنكيز خان أن أعظم الأقاليم في هذه المناطق: إقليم خوارزم، وإقليم خراسان ..
أما إقليم خراسان فإقليم شاسع به مدن عظيمة كثيرة مثل: بلخ ومرو ونيسابور وهراة وغزنة وغيرها (وهو الآن في شرق إيران وشمال أفغانستان" ..
وأما إقليم خوازرم فهو الإقليم الذي كان نواةً للدولة الخوارزمية، واشتهر بالقلاع الحصينة والثروة العددية، والمهارة القتالية، وهو يقع إلى الشمال الغربي من سمرقند ويمر به نهر جيحون (وهو الآن في دولتي أوزبكستان وتركمستان" ولكن جنكيز خان أراد القيام بحرب معنوية تؤثر في نفسيات المسلمين قبل اجتياح هذه الأقاليم العملاقة، فقرر البدء بعمليات إبادة وتدمير تبث الرعب في قلوب المسلمين في الإقليمين الكبيرين خوارزم وخراسان، فأخرج جنكيز خان من جيشه ثلاث فرق:
فرقة لتدمير إقليم "فرغانة" (في أوزبكستان الآن)
وفرقة لتدمير مدينة "ترمذ" (في تركمستان الآن)
وفرقة لتدمير قلعة "كلابة" وهي من أحصن قلاع المسلمين على نهر جيحون.
وقد قامت الفرق الثلاث بدورها التدميري، كما أراد جنكيز خان، فاستولت على كل هذه المناطق، وأعملت فيها القتل والأسر، والسبي، والنهب، والتخريب، والحرق، كما هي عادة التتار، ووصلت الرسالة التترية إلى كل الشعوب المحيطة:
إن التتار لا يرتوون إلا بالدماء ولا يسعدون إلا بالخراب والتدمير، وأنهم لا يهزمون، فعمت الرهبة منهم أرجاء المعمورة، ولا حول ولا قوة إلا بالله ..
وعندما عادت هذه الجيوش من مهمتها القبيحة بدأ جنكيز خان يعد للمهمة الأقبح .. بدأ يعد لاجتياح إقليمي خراسان وخوارزم ..
اجتياح خراسان:
1ـ مدينة بلخ وما حولها (شمال أفغانستان الآن):
هذه المدينة تقع جنوب مدينة ترمذ التي دمرها التتار منذ أيام قلائل، ولا شك أن أخبار مدينة ترمذ قد وصلت إليهم، وكان في قلوب أهل هذه البلدة رعب شديد من التتار، وعندما وصلت جيوش التتار إليهم طلبوا منهم الأمان، وعلى غير عادة التتار فقد قبلوا أن يعطوهم الأمان، ولم يتعرضوا لهم بالسلب أو النهب، وكان ذلك مكرًا وخبثًا بأهل بلخ فقط طلب جنكيز خان من أهل بلخ أن يعاونوه في فتح مدينة مسلمة أخرى هي مدينة "مرو" وبالفعل جاء أهل بلخ لمحاربة أهل مرو، والجميع من المسلمين، ولكن الهزيمة النفسية الرهيبة التي كان يعاني منها أهل بلخ نتيجة الأعمال البشعة التي تمت في مدينة (ترمذ) المجاورة جعلتهم ينصاعون للأوامر جنكيز خان، حتى وإن كانوا سيتقلون إخوانهم .. !! وبذلك يكون جنكيز خان قد وفَّر قواته لمعارك أخرى، وضرب المسلمين بعضهم ببعض ..
2ـ اجتياح الطالقان:
¥