تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهي مدينة كبيرة أخرى من مدن إقليم خراسان (وهي تقع الآن في الشمال الشرقي لدولة إيران)، واتجه إليها التتار بعد أن تركوا خلفهم مدينة مرو، وقد خربت تمامًا، وهناك حاصروا مدينة نيسابور لمدة خمسة أيام، ومع أنه كان بالمدينة جمع لا بأس به من الجنود المسلمين، إلا أن أخبار مرو كانت قد وصلت إلى نيسابور، فدَبَّ الرعب والهلع في أوصال المسلمين، وما استطاعوا أن يقاوموا التتار، ودخل التتار المدينة، وأخرجوا كل أهلها إلى الصحراء، وجاء من أخبر ابن جنكيز خان أن بعضًا من سكان مدينة مرو قد سلِم من القتل، وذلك أنهم ضُرِبوا بالسيف ضربات غير قاتلة، وظنهم التتار قد ماتوا فتركوهم؛ ولذا فقد أمر ابن جنكيز خان في مدينة نيسابور أن يقتل كل رجال البلد بلا استثناء، وأن تقطع رؤوسهم لكي يتأكدوا من قتلهم، ثم قام اللعين بسبي كل نساء المسلمين في مدينة نيسابور، وأقاموا في المدينة خمسة عشر يومًا يفتشون الديار عن الأموال والنفائس، ثم تركوا نيسابور بعد ذلك أثرًا بعد عين، ولا حول ولا قوة إلا بالله ..

5ـ اجتياح هراة:

وهي من أحصن البلاد الإسلامية، وكانت مدينة كبيرة جدًا كذلك، وتقع في الشمال الغربي لأفغانستان، وتوجه إليها ابن جنكيز خان بقواته البشعة، ولم تسلم المدينة من المصير الذي قابلته مدينتا مرو ونيسابور، فقُتل فيها كل الرجال، وسُبيت كل النساء، وخُربت المدينة كلها وأحرقت .. وإن كان أميرها وكان يدعى: "ملك خان" قد استطاع الهروب بفرقة من جيشه في اتجاه غزنة في جنوب أفغانستان، وكذا كان الملوك والرؤساء في ذلك الزمن يُوفَّقون إلى الهروب، بينما تسقط شعوبهم في براثن التتار ..

وبسقوط هراة يكون إقليم خراسان قد سقط بكامله في أيدي التتار، ولم يُبقوا فيه على مدينة واحدة، وتمت كل هذه الأحداث في عام واحد هو العام السابع عشر بعد الستمائة الهجرة .. وهذا من أعجب الأمور التي مرَّت بالأرض على الإطلاق .. !!

اجتياح خوارزم:

وخوارزم هي مركز عائلة خوارزم شاه، وبها تجمُّع ضخم جدًا من المسلمين بأسًا وقوة، وهي تقع الآن على الحدود بين أوزبكستان وتركمانستان، وتقع مباشرة على نهر جيحون، وكانت تمثل للمسلمين قيمة اقتصادية واستراتيجية وسياسة وكبيرة ..

ولأهمية هذه البلدة فقد وجه إليها جنكيز أعظم جيوشه وأكبرها، وقد قام هذا الجيش بحصار المدينة لمدة خمسة أشهر كاملة دون أن يستطيع فتحها، فطلبوا المدد من جنكيز خان، فأمدهم بخلق كثير، وزحفوا على البلد زحفًا متتابعًا، وضغطوا عليه من أكثر من موضع حتى استطاعوا أن يحدثوا ثغرة في الأسوار ثم دخلوا إلى المدينة، ودار قتال رهيب بين التتار والمسلمين، وفني من الفريقين عدد كبير جدًا وحلَّت الهزيمة الساحقة بالمسلمين، ودار القتل على أشده فيهم, وبدأ المسلمون في الهروب والاختفاء في السراديب والخنادق والديار؛ فقام التتار بعمل بشع إذ قاموا بهدم سدٍّ ضخم كان مبنيًا على نهر جيحون، فأغرق المدينة بكاملها، ولم يسلم من المدينة أحد ألبتة، فمن نجا من القتل قُتِل تحت الهدم أو أُغرِق بالماء، وأصبحت المدينة العظيمة خرابًا، وتركها التتار، وقد اختفت من على وجه الأرض، وأصبح مكانها ماء نهر جيحون، ومن َمرَّ على المدينة الضخمة بعد ذلك لا يستطيع أن يرى أثرًا لحياة سابقة، ولا حول ولا قوة إلا بالله ..

وكانت هذه الأحداث الدامية أيضًا في عام 617هـ ..

التتار يتوجهون إلى وسط وجنوب أفغانستان:

بتدمير إقليمي خراسان وخوارزم يكون التتار قد سيطروا على المناطق الشمالية ومناطق الوسط من دولة خوارزم الكبرى، ووصلوا في تقدمهم إلى الغرب إلى قريب من نهاية هذه الدولة (على حدود العراق)، ولكنهم لم يقتربوا بعد من جنوب دولة خوارزم، وجنوب دولة خوارزم كان تحت سيطرة "جلال الدين بن محمد بن خوارزم شاه"، وهو ابن الزعيم الخوارزمي الكبير "محمد بن خوارزم شاه" والذي فَرَّ منذ شهور قليلة أمام التتار، وهرب إلى جزيرة ببحر قزوين حيث مات هناك ..

وجنوب دولة خوارزم كان يشمل وسط وجنوب أفغانستان وباكستان، وكان يفصل بينه وبين الهند نهر السند، وكان جلال الدين زعيم الجنوب يتخذ من مدينة "غزنة" مقرًا له (مدينة غزنة في أفغانستان الآن وتقع على بعد حوالي مائة وخمسين كم جنوب مدينة كابول الأفغانية، وهي مدينة حصينة تقع في وسط جبال باروباميزوس الأفغانية).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير