و في 6 - 4 - 1569م ودع دون خوان أخاه الملك و توجه غلى غرناطة التي وصلها في 13 - 4 - 1569م فاستقبله نصارى غرناطة مستصخبين أيتامهم وثكلاهم و أراملهم تحريضا له على إخراج المسلمين. و في 14 - 4 - 1569م اجتمع بزعماء الأندلسيين الذين اشتكوا إليه من سوء المعاملة و الإحتقار و نزع الممتلكات و إزهاق الأرواح بدون سبب, فوعدهم بحماية كل من خلص منهم للنصرانية.
تأسيس المجلس الحربي الإسباني لمواجهة الثورة
وفي 22 - 4 - 1569م عقد دون خوان مجلسا حربيا لتخطيط القضاء على الثورة, حضره الماركيز مندوجر و الرئيس ديسا. و اختلفت الأراء في المجلس, فصوت دي مندوجر إلى جانب الذين فضلوا الهدنة و المفاوضة مع المجاهدين, بينما صوت ديسا و معظم أعضاء المجلس الأخرين على تهجير الأندلسيين من حي البيازين و من مرج غرناطة و نقلهم إلى قشتالة. و رغم أن دون خوان لم يدل بصوته فقد ابدى ارتياحه للحل الثاني.
ارتفاع الروح المعنوية للمجاهدين
وأمام هذه المخاطر الجديدة التي تهدد الأندلسيين, و الأعمال الهمجية التي قام بها العسكر القشتالي ضد المجاهدين و عائلاتهم, و التجاوزات المتناهية ضد كل أندلسي من طرف رعاع النصارى و خاصة المجزرة الرهيبة التي كان ضحيتها رهائن سجن غرناطة, فقد أخذت أفواج المتطوعين تنظم إلى المجاهدين مفضلة الموت و السلاح في يدها على العبودية أو الموت في الشوارع و البيوت. و انزرعت بذلك في الجهاد روح جيدة من الحماس و القوة.
ملك إسبانيا يستنجد بالممالك الأوربية و تقاطر المتطوعين الصليبيين على إسبانيا
و طلب ملك إسبانيا العون من الممالك النصرانية, فتقاطر عليه المتطوعون و المرتزقة في كل اطراف أوروبا: جاء دون لويس دي ريكسنس من إيطاليا على رأس قوة بحرية تتكون من 24 سفينة نزلت على شاطئ البشرات و اشتبكت مع الثوار المسلمين في 28 - 4 - 1569م. فهزمت القوة و خسرت كثيرا من قوادها قبل ان ترتد إلى فرجليانة. و في 13 - 5 - 1569م سمح نائب الملك في مقاطعة قطلونية للمتطوعين بالإلتحاق بالجيش الغسباني لمحاربة المجاهدين, كما سهل في 18 - 5 - 1569م على الجنود الفرنسيين الإتجاه للبشرات. و هكذا اشترك ألاف المتطوعين النصارى من كل أنحاء اوربا في حرب صليبية حاقدة ضد الأندلسيين, و تقاطروا على مملكة غرناطة برا و بحرا.
انتصارات المجاهدين الأندلسيين
كان ابن امية يقيم في طاعة أجيجير بالبشرات و خطط مع قواته الهجوم على جيش النصارى محاولا الحفاظ على المبادرة بالإستفادة من المعارك السؤيعة المباغثة و تجنب المعارك المكشوفة. ووزع المجاهدون فرقهم المقاتلة في ضواحي المرية ووادي منصورة ووادي أش ووادي شنيل و مرج غرناطة ووادي الغقليم وجبال البشرات و جبال ابن طوميز شرق مالقة و منطقة رندة, أي كل نواحي مملكة غرناطة القديمة, حتى قيل إن بعض فرق المجاهدين دخلت حاضرة غرناطة نفسها.
وأخذ المجاهدون المبادرة في كثير من الاحيان: فاجأ المجاهدون كتيبة من 400 جندي تحت إمرة حاكم وادي أش الذي تحرك بأمر من ماركيز دي بلش لاحتلال مضيق رياحة, فهزموها و قضوا عليها. ثم شتت المجاهدون قوة تحت إمرة حاكم بلش أرادت أن تحتل صخرة فرجليانة, فهزموها و تابعوها إلى بلش. و بقيت فرجليانة في يد المسلمين إلى ان احتلها قوة دي ركسنس المتطوعة في 11 - 6 - 1569م. فأابادت حاميتها التي استبسلت في الدفاع عنها بمشاركة النساء و الشيوخ. هكذا حرر المجاهدون في ظرف أسابيع المئات من الحصون و القرى و المدن في كل أنحاء مملكة غرناطة.
معركة برجة و توالي انتصارات المجاهدين
تقدم جيش الماركيز دي بلش إلى برجة, فزحف إليه ابن أمية في أوائل يونيو عام 1569م على رأس عدة الاف من المجاهدين منهم حوالي 400 متطوع مغربي. وكان قائد المعركة المجاهد مشكر. فاشتعلت في برجة أول معركة كبيرة في هذه المرحلة من الجهاد, اضطر ابن امية على إثرها إلى الإنسحاب إلى قديار بعد ان حمل جيش دي بلش خسائر فادحة. وقد ادعى كل من المجاهدين و النصارى النصر في معركة برجة التي استشهد فيها حوالي 1500 مجاهد.
و في 1569م انضمت منطقتا الحامة و رندة و جبال بني طوميز شرق مالقة إلى الثورة, فطرد مجاهدو تلك المناطق الحاميات القشتالية بقوات تحت قيادة الشريران و فراندو الدرة, و ردوا هجوما شنه حاكم المرية عليهم و اضطر إلى الإلتجاء إلى بلش ملقة و لم يعد يخرج منها.
¥