و في حاضرة غرناطة انتشرت الخلافات في المجلس العسكري لدرجة أدت إلى إيقاف العمليات الحربية ضد المجاهدين. فدعا الملك فيليبي الثاني الماركيز دي مندوجر لمقابلته, و لم يعد بعد ذلك غلى غرناطة. ثم اختار المجلس العسكري الحرب ضد المجاهدين كحل وحيد لإنهاء الثورة.
مؤامرة خطيرة أدت إلى مقتل ابن أمية رحمه الله
و بينما كانت المبادرة في يد المجاهدين وقع قوادهم في مؤامرة خطيرة أدت إلى انكسارهم. و هي أن الإسبان عندما قاموا بمذبحة سجن غرناطة الرهيبة حقنوا دم والد و أخ ابن أمية للضغط على سلطان الأندلس و قائد ثورتها, فسلموهما لمحاكم التفتيش لتعذيبهما. فأرسل ابن أمية رسالة إلى خوان النمساوي يعرص فيها عليه تسليمهما له مقابل ثمانين أسيرا من النصارى, و غلا انتقم من النصارى الذين تحت سلطته. فاتفق المجلس الحربي في غرناطة على عدم الإجابة, و أرغموا والدابن أمية بالكتابة لابنه ناهيا إياه عن متابعة الثورة و نافيا أية إساءة أو تعذيب.
فاغتنم ذلك بعض المتعاملين مع العدو الناقمين على ابن أمية للعمل على قتله, على رأسهم دييكو الوزير, و هو أخ زوجة ابن أمية. فأخذوا يبثون الشك بين ابن أمية و المتطوعين القادمين من الجزائر. فطلب ابن أمية من قريبه و قائده محمد بن عبو (و اسمه الإسباني دييغو لوبيز) ضم الأتراك إلى قوته و السير بهم إلى البنيول و لينتظر هناك أوامره. و كانت غاية بن أمية تحرير ميناء مطريل دون أن يتسرب خبر اتجاه قوة المجاهدين, للحفاظ على المبادرة. فمر حامل الرسالة على أجيجر, فعلم الوزير منه مضمونها, فتامر مع كاتب ابن أمية في تزوير رسالة أخرىو امر بقتل حامل الرسالة الأولى. فوصلت الرسالة المزورة إلى ابن عبو هذا الأمر, و امن بالشائعات التي نشرها العدو حول ابن امية بأنه يريد مهادنة الإسبان لتحرير والده و أخيه. و اعتقد المتطوعون أن ابن أمية قد خان, فقرروا عزله و إعدامه دفاعا عن الثورة.
و سار ابن عبو و المتطوعة الأتراك إلى مقر ابن أمية في لوشر, فقبضوا عليه وواجهوه بالتهم التي يتهمونه بها, و أطلعوه على الرسالة التي بيدهم. فتبرأ ابن امية من التهم الموجهة ضده, وأكد لهم أن الرسالة مزورة و لم يأمر بكتابتها قط, و أنه ما خان أمته و لا دينه ابدا. فلم يفده دفاعه عن نفسه, فسجنوه في غرفة, و كلفوا بحراسته دييكو الوزير, كبير المتأمرين عليه, ودييكو أركش, كاتبه. و في ليل 20 - 10 - 1569م قتله هاذان الخائنان خنقا.
و هكذا استشهد قائد ثورة الأندلس ضحية الدسائس و الغدر, على يد أبناء أمته, تلك الأمة التي ضحى في سبيلها بالغالي و الرخيص و التي بسببها شرد أهله و قتلت أمه و أخوته و زوجته و سجن أبوه و أخوه و ما وهن و لا استكان, و أجره عند الله. و كان قتله, و المبادرة في يد المجاهدين, انتكاسة كبيرة للثورة.
بيعة ابن عبو كخليفة لابن أمية رحمه الله
و اقترح قواد الثورة بعد اغتيال ابن أمية, بيعة أحد قائدي المتطوعين , حسين أو أخيه. فرفضا و اقترحا مبايعة ابن عبو شرط أن يوافق أمير امراء الجزائر على ذلك. فوصلت موافقة هذا الأخير مع بعض التعزيزات العسكرية بعد ثلاثة شهور. فنصب ابن عبو سلطانا للأندلس تحت اسم عبد الله محمد بن عبو. وقد استاء بعض قواد الثورة, كابن مكنون و الأرشذوني, من اغتيال ابن أمية, فانسحبوا من الجهاد و اختاروا الهجرة إلى أرض الإسلام, و قد انظم إلى الثورة في أوجها ما يقارب ثلاثين ألف مقاتل, منهم حوالي 5.000 من المتطوعين الأتراك و الجزائريين و المغاربة.
ـ[هشام زليم]ــــــــ[14 - 05 - 08, 03:34 ص]ـ
3 - 4 - مراحل الثورة تحت قيادة ابن عبو:
إعاد تنظيم الثورة و فتح أرجبة
أعاد إبن عبو فور مبايعته, تنظيم جيش المجاهدين. فعين ابن المليح قائدا على وادي المنصورة و منطقة بسطة, و الشعيبي على البشرات و جبال شلير, و بولود على منطقة ألمرية. و استقدم السلاح و الذخيرة من موانئ المغرب و الجزائر.
¥