وَذَكَرَ عُمَر بْن شَبَّة أَنَّ أَوَّل حِلْف كَانَ بِمَكَّة حِلْف الْأَحَابِيش أَنَّ اِمْرَأَة مِنْ بَنِي مَخْزُوم شَكَتْ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي الْحَارِث بْن عَبْد مَنَاة بْن كِنَانَة تَسَلُّط بَنِي بَكْر بْن عَبْد مَنَاة بْن كِنَانَة عَلَيْهِمْ، فَأَتَى قَوْمه فَقَالَ لَهُمْ: ذَلَّتْ قُرَيْش لِبَنِي بَكْر فَانْصُرُوا إِخْوَانكُمْ، فَرَكِبُوا إِلَى بَنِي الْمُصْطَلِق مِنْ خُزَاعَة، فَسَمِعَتْ بِهِمْ بَنُو الْهَوْن اِبْن خُزَيْمَةَ بْن مُدْرِكَة فَاجْتَمَعُوا بِذَنْبِ حَبش - بِفَتْحِ الْمُهْمَلَة وَسُكُون الْمُوَحَّدَة بَعْدهَا مُعْجَمَة - وَهُوَ جَبَل بِأَسْفَل مَكَّة، فَتَحَالَفُوا: إِنَّا لَيَدٌ عَلَى غَيْرنَا مَا رَسَا حَبش مَكَانه، وَكَانَ هَذَا مَبْدَأ الْأَحَابِيش.
قَالَ عَبْد الْعَزِيز بْن عُمَر: إِنَّمَا سُمُّوا الْأَحَابِيش لِتَحَالُفِهِمْ عِنْد حَبش، ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ عَائِشَة أَنَّهُ عَلَى عَشَرَة أَمْيَال مِنْ مَكَّة.فتح الباري لابن حجر
وقيل الأحابيش الذين تحبشوا واجتمعوا
وفي صحيح البخاري: خرج النبي صلى الله عليه و سلم عام الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه فلما أتى ذا الحليفة قلد الهدي وأشعره وأحرم منها بعمرة وبعث عينا له من خزاعة وسار النبي صلى الله عليه و سلم حتى كان بغدير الأشطاط أتاه عينه قال إن قريشا جمعوا لك جموعا وقد جمعوا لك الأحابيش وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت ومانعوك.
والمراد هنا حلف الأحابيش
نص حلف خزاعة مع بني هاشم
وكانت نسخة كتابهم: باسمك اللهم، هذا ما تحالف عليه عبد المطلب بن هاشم ورجالات عمرو بن ربيعة من خزاعة ومن معهم من أسلم ومالك ابني أفصى بن حارثة تحالفوا على التناصر والمؤاساة ما بل بحر صوفه، حلفاً جامعاً غير مفرق الاشياخ على الاشياخ والاصاغر على الأصاغر والشاهد على الغائب. وتعاهدوا وتعاقدوا أوكد عهد، وأوثق عقد، ولا ينقض ولا ينكث ما شرقت شمس على ثبير، وحن بفلاة بعير، وما قام الأخشبان، وعمر بمكة إنسان، حلف أبد، لطول أمد، يزيده طلوع الشمس شداً، وظلام الليل سداً، وإن عبد المطلب وولده ومن معهم دون سائر بني النضر بن كنانة، ورجال خزاعة متكافئون، متضافرون، متعاونون. فعلى عبد المطلب النصرة لهم ممن تابعه على كل طالب وتر، في بر أو بحر، أو سهل أو وعر. وعلى خزاعة النصرة لعبد المطلب وولده ومن معهم على جميع العرب، في شرق أو غرب، أو حزن أو سهب. وجعلوا الله على ذلك كفيلاً، وكفى به حميلا.
وكان عبد المطلب وصى ابنه الزبير. ثم أوصى الزبير إلى أبي طالب، ثم أوصى أبو طالب إلى العباس. وقال ابن الكلبي: هذا الحلف هو الذي عناه عمرو بن سالم الخزاعي حين قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
لاهم إني ناشد محمداً ... حلف أبينا وأبيه الأتلدا. أنساب الأشراف للبلاذري
وسبب الأبيات
لما تظاهرت بنو بكر وقريش على خزاعة ونقضوا ما كان بينهم وبين رسول الله {صلى الله عليه وسلم} من العهد والميثاق بما استحلوا منهم وكانوا في عقده وعهده خرج عمرو بن سالم الخزاعي الكعبي حتى قدم على رسول الله {صلى الله عليه وسلم} المدينة فوقف عليه وهو جالس في المسجد بين ظهري الناس فقال
الأبيات التالية المشهورة في السيرة النبوية:
يَا رَبّ إنّي نَاشِدٌ مُحَمّدًا ... حِلْفَ أَبِينَا وَأَبِيهِ الْأَتْلَدَا
قَدْ كُنْتُمْ وُلْدًا وَكُنّا وَالِدًا ... ثُمّتَ أَسْلَمْنَا فَلَمْ نَنْزِعْ يَدَا
فَانْصُرْ هَدَاك اللّهُ نَصْرًا أَعْتَدَا ... وَادْعُ عِبَادَ اللّهِ يَأْتُوا مَدَدَا
فِيهِمْ رَسُولُ اللّهِ قَدْ تَجَرّدَا ... إنْ سِيمَ خَسْفًا وَجْهُهُ تَرَبّدَا
فِي فَيْلَقٍ كَالْبَحْرِ يَجْرِي مُزْبِدًا ... إنّ قُرَيْشًا أَخْلَفُوك الْمَوْعِدَا
وَنَقَضُوا مِيثَاقَك الْمُوَكّدَا ... وَجَعَلُوا لِي فِي كَدَاءٍ رُصّدَا
وَزَعَمُوا أَنْ لَسْت أَدْعُو أَحَدًا ... وَهُمْ أَذَلّ وَأَقَلّ عَدَدَا
هُمْ بَيّتُونَا بِالْوَتِيرِ هُجّدًا ... وَقَتَلُونَا رُكّعًا وَسُجّدَا
¥