ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[03 - 06 - 08, 11:40 م]ـ
هل الحليف يرث
قال الطحاوي:ويدل هذا على مشروعية العاقلة بالأحلاف بين القبائل، فإذا وقع الحلف بين القبيلة والقبيلة على المناصرة والمؤازرة والتحمل، فإن هذا له أصل في الإسلام، ومحمول على ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنه أبقى حلف آبائه وأجداده مع خزاعة، مع أنه حلف مع القبيلة، فإذا وقعت المناصرة بين قبيلة وقبيلة وبينهم حلف، فإن هذا الحلف تجب به المناصرة، وتتحمل به القبيلة عن القبيلة الأخرى إذا حصلت دماء، وحصلت ديات كثيرة لم تستطع القبيلة الأولى أن تتحملها، فإنها تنتقل إلى القبيلة الثانية بالحلف. والعاقلة في الأصل كما سيبين المصنف رحمه الله: من جهة النسب ومن جهة الولاء، ويلتحق بذلك حلف القبائل -كما ذكرنا- لثبوت السنة به، وقد حمل بعض العلماء قوله تعالى: وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ [النساء:33] على أن المراد به التعاقد باليمين، والحلف على النصرة بين القبائل بعضها مع بعض، وأما إذا انتقل شخص من قبيلته إلى قبيلة أخرى؛ بسبب دم أو فرار من حق فهذا لا حلف فيه على قول طائفة من العلماء، ولا يحصل به العقل، كما قرره غير واحد من الأئمة رحمهم الله، وبينوا: أن المراد به الأحلاف الظاهرة، والحلف إذا كان على الوجه الذي ذكرناه، وكان على أمور شرعية لا جاهلية فيها فإنه مشروع؛ ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث: (شهدت بدار عبد الله بن جدعان حلفاً ما أُحب أن لي به حُمر النعم ولو دُعيت لمثله في الإسلام لأجبت) وهذا الحلف: هو حلف الفضول، وحلف الفضول وقع في دار عبد الله بن جدعان في أنهم يناصرون المظلوم، ويعينون المحروم، وأنهم يعينون الحاج والمنقطع، ونحو ذلك من الأمور التي لا تخالف شرع الله عز وجل.
قال ابن كثير: وهذا نص في الرد على ما ذهب إلى التوارث بالحلف اليوم كما هو مذهب أبي حنيفة وأصحابه، ورواية عن أحمد بن حنبل، رحمه الله.
والصحيحُ قول الجمهور ومالك والشافعي وأحمد في المشهور عنه؛ ولهذا قال تعالى: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأقْرَبُونَ} أي: ورثه من أقربائه من أبويه وأقربيه، وهم يرثونه دون سائر الناس، كما ثبت في الصحيحين، عن ابن عباس؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألْحِقُوا الفرائِضَ بأهلها، فما بَقِيَ فهو لأوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ" (3) أي: اقسموا الميراث على أصحاب الفروض الذين ذكرهم الله في آيتي الفرائض، فما بقي بعد ذلك فأعطوه العَصَبة، وقوله: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} أي: قبل نزول هذه الآية فآتوهم نصيبهم، أي من الميراث، فأيما حلف عُقد بعد ذلك فلا تأثير له. تفسير ابن كثير
وهذه المسألة تحتاج إلى توسع أكثر
قصة تبين أهمية الحلف في الإسلام
عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ كَانَتْ ثَقِيفُ حُلَفَاءَ لِبَنِى عُقَيْلٍ فَأَسَرَتْ ثَقِيفُ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَسَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلاً مِنْ بَنِى عُقَيْلٍ وَأَصَابُوا مَعَهُ الْعَضْبَاءَ فَأَتَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهْوَ فِى الْوَثَاقِ قَالَ يَا مُحَمَّدُ. فَأَتَاهُ فَقَالَ «مَا شَأْنُكَ». فَقَالَ بِمَ أَخَذْتَنِى وَبِمَ أَخَذْتَ سَابِقَةَ الْحَاجِّ فَقَالَ إِعْظَامًا لِذَلِكَ «أَخَذْتُكَ بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكَ ثَقِيفَ». ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ فَنَادَاهُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَحِيمًا رَقِيقًا فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ «مَا شَأْنُكَ». قَالَ إِنِّى مُسْلِمٌ. قَالَ «لَوْ قُلْتَهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَكَ أَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلاَحِ». ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَادَاهُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ.
فَأَتَاهُ فَقَالَ «مَا شَأْنُكَ». قَالَ إِنِّى جَائِعٌ فَأَطْعِمْنِى وَظَمْآنُ فَأَسْقِنِى. قَالَ «هَذِهِ حَاجَتُكَ». فَفُدِىَ بِالرَّجُلَيْنِ. أخرجه مسلم في صحيحه
ومن الأحلاف المشهورة في العصور المتأخرة حلف شبابة وخندف
خِنْدِفُ: اسم يشمل مجموعة من القبائل متباعدة النسب منها مُطَيْرٍ وهُذَيْل وسُلَيْم وثَقِيْف، وسبيع والبُقُومْ وغامد وبجيلة وغيرها.
ويقابله اسم شبابة يضم قبائل أخرى منها عُتَيْبَةَ وحَرْب وبَلْحَارِث وبَنُو مالك " بَجِيْلَةَ " وجُهَيْنَة وبَليٍّ وزَهْرَان، وغيرها.
وهو تقسيم كانت تلك القبائل تلجأ إليه حينما تحدث بينها حروب كبيرة في العهود الماضية.
وفي الحقيقة موضوع الأحلاف متشعب ويحتاج إلى دراسة أكثر وكثير من القبائل العربية المعاصرة قائمة على الأحلاف إما قحطانية أو عدنانية وأحيانا خليط بين العدنانية والقحطانية
وتكلمنا عن هذا الموضوع باستفاضة في مبحث أنساب القبائل العربية فراجعه غير مأمور
وصلى الله على محمد وآله وسلم.
¥