ـ[هشام زليم]ــــــــ[29 - 06 - 08, 02:00 ص]ـ
3 - التهجير
"يوم 22 شتنبر 1609م, الملك فيليب الثالث يوقع الظهير الذي سيعلن ميلاد أول دولة عنصرية في التاريخ. هكذا, لا أحد من أعضاء "الأمة المورسكية" يستطيع الإقامة على الأراضي الخاضعة للسيادة الإسبانية, ومن خالف أُعدم. المسؤول الرئيسي عن هذا الظهير لم يكن الملك, لكنه الدوق دوليرما.
المنظّر الأكبر للدولة العنصرية هو قس بلنسيو عضو محكمة التفتيش ببلنسية يُدعى فراي خايم بليدا: و هو مؤلف كتاب يعرض نظرياته و يبرهن فيه على أن إقصاء المورسكيين هو "ضرورة عاجلة". الكتاب كان غامضا بعض الشيئ بالنسبة للملك, فقام قس قريب من بليدا يدعى فراي لويس بلتران بتلخيصه و تبسيطه.
هذه الوثيقة تحمل رقم 40 ضمن مجموعة هولاند, تحمل القرار الملكي. لقد انتصر الذوق دوليرما: خمسمائة ألف رجل و امرأة و طفل سيتم تهجيرهم مع حوالي 75 بالمائة من "الخسارة".
كل أملاك هؤلاء التعساء ستنعش خزينة دوق دو ليرما و أنصاره. هكذا أصبح لدوليرما –لوحده- ثروة تفوق بكثير خزينة المجلس المالي الذي يعود إليه هو أيضا.
في هذه الفترة كانت إسبانيا مهيمنة عسكريا و سياسيا على أوربا, وكان عدد سكانها حوالي 8 ملايين نسمة , معرفة هاته المعلومات ستمكننا من قياس أهم عامل لتخلفها اللاحق و خرابها: في مناطق كاملة هُجرتالزراعة و أصبحت الأراضي أراضي موات. اختفت أكثر الحرف ازذهارا: النقل, حرف البناء, كبار مربي الحمير و البغال, مشيدوا القنوات المائية السقوية, منتجوا الغلات , كلهم كانوا مورسكيين .. أضف هذا إلى التضخم المتصاعد خلال القرن السادس عشر و الأوبئة و الفساد الإداري و لا مبالاة و جشع دوق دوليرما و الحروب المتواصلة؛ هذه الظروف أدخلت إسبانيا في أحلك فترة في تاريخها.
منذ توقيعها لاتفاقية شين غين, أصبحت إسبانيا المعاصرة حارس جنوب غرب أوربا. حرسُها المدني يراقب سواحل الأندلس لمنع الهجرة الإقتصادية للمغاربيين.
مثل أولئك البحارة الممقوتين الذين كانوا ينقلون المورسكيين باتجاه و هران لكن يلقونهم وسط البحر لربح الوقت و المال؛ البحارة الحاليون ينقلون بانتظام مهاجرين بين الريف و الأندلس و يرمون بهم أحيانا, وسط الظلام, بعيدا عن السواحل الأندلسية حيث يموتون غرقا. أما المحظوظون الذين وصلوا إلى الساحل فيتم إيقافهم و إرجاعهم مقيدي الأيدي من طرف الحرس المدني.
العنصرية ضد الغجر, أخر أقلية واضحة التكوين و التمييز, أصبحت عنيفة و بوثيرة غير منتظمة. لكن ليست إسبانيا وحدها المتبوعة بهذا, فإجراءات التطهير العرقي المتخذة ما بين 1992و1995 من طرف الوطنيين الصرب و الكروات ضد المسلمين بالبوسنة ذكرتنا بطريقة مأساوية أن الدولة العنصرية لا تنتمي فقط إلى الماضي السحيق."
تمت الترجمة و النقل ولله الحمد