تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[المنظرى الغرناطى، مؤسس تطوان]

ـ[جمال عبد الرحمن]ــــــــ[14 - 06 - 08, 02:46 م]ـ

هذا هو الكتاب الثانى للدكتور غوثالبيس بوستو حول الأثر الأندلسى الموريسكى فى المغرب. كان الكتاب الأول بعنوان "الموريسكيون فى المغرب"، وقد نشره المجلس الأعلى للثقافة منذ نحو عامين، وكان يتناول الوجود الموريسكى فى المغرب بشكل عام. أما هذا الكتاب فهو يتحدث عن منطقة مغربية محددة هى تطوان، ويذكر أن قائدا أندلسيا هو الذى أعاد بناء المدينة بعد أن كانت أطلالا.

لم يكن سقوط غرناطة مفاجئا للمتابعين لتطور الأحداث فى شبه جزيرة إيبيريا فى نهاية القرن الخامس عشر، وقد ذكرنا فى مقدمة الكتاب الأول للمؤلف أنه بعد سقوط دولة الإسلام فى الأندلس –بل وقبيل السقوط- كانت الهجرة إلى بلد إسلامى تعد فى كثير من الأحوال هى الحل الأنسب، فقد رأى نبلاء غرناطة أن الأمور فى بلدهم تسير من سيئ إلى أسوأ وأن دولة الإسلام منهارة لا محالة، ولم يكن من الممكن آنذاك عمل أى شئ يوقف زحف الملك الكاثوليكى.

ذكرنا أيضا أن تلك الهجرة كانت لها نتائج ملموسة، سواء على الذين هاجروا، أو على بعض البلاد التى هاجروا إليها. وتعرض لنا صفحات الكتاب بعضا من هذه النتائج: لقد أعاد فارس غرناطى مهاجر تأسيس مدينة مغربية.

*******

تعتبر قصة "ابن سراج وشريفة الجميلة" من أهم القصص الموريسكية وأجملها. القصص الموريسكية هى التى تتحدث عن الموريسكيين بإعجاب، وقد اختلف النقاد حول شخصية مؤلفها، فمنهم من قال إنه مسيحى دفع له النبلاء مالا حتى يظهر الموريسكيين بشكل طيب فيتعاطف معهم الناس وهكذا لا يتم طردهم من إسبانيا، ومنهم من رأى أن المؤلف موريسكى أراد أن يدافع عن بنى وطنه وأن يظهر إيجابياتهم كرد على كتب الأدب الإسبانى التى يظهر فيها المسلم بشكل سلبى. (1)

لن نتوقف الآن عند هذه القضية رغم أهميتها، لكننا نوجز القصة.

كان الفتى المسلم "ابن الرئيس" وهو من بنى سراج فى طريقه للقاء خطيبته "شريفة" الجميلة، وكان يتعين عليه أن يمر بمنطقة يسيطر عليها المسيحيون. يعترضه فرسان مسيحيون، فيصرع منهم ثلاثة، ويفر الرابع طلبا للنجدة من القائد نارباييث. يأتي القائد ويبارز الفارس المسلم فيصرعه " لأنه كان جريحا وكان قد فرغ لتوه من مبارزة ثلاثة فرسان". يقول ابن سراج للقائد المسيحي إنه انتصر عليه، لا لتفوقه في القوة، ولكن لأن الله أراد أن يمنعه من رؤية محبوبته. يعجب القائد المسيحى بشجاعة الفتى المسلم ويدور بين الاثنين حوار. يقص ابن سراج على القائد المسيحي أنه يحب شريفة وأنه كان في الطريق إليها، فيعرض عليه القائد أن يطلق سراحه لمدة ثلاثة أيام يعود بعدها إليه. ينصرف ابن سراج ويلتقي بمحبوبته ويتزوجها، ويعود- ومعه زوجته- إلى الأسر. يعجب القائد المسيحي بوفاء المسلم فيطلق سراحه بلا فدية. يتوجه الزوجان إلى بلدهما ويرسلان إلى القائد المسيحي هدية تتكون من أسلحة وجياد وعملات ذهبية. يقبل القائد المسيحي الأسلحة والجياد "للدفاع عن الزوجة المسلمة ضد الأخطار التي قد تتهددها" ويرد إليهما العملات الذهبية شاكرا. تنشأ بين المسلم والمسيحي صداقة تدوم مدى الحياة. (2)

هذه القصة، التى يبدو وكأنها لا يمكن أن تحدث إلا فى عالم الخيال، تستند إلى واقع تاريخى، وقد كتب البروفيسور لوبيث استرادا بالفعل أن هذه القصة الجميلة ما كان لها أن تصل إلى عالم الأدب لولا أن لها أصلا تاريخيا. على أن جهود ذلك العالم الإسبانى فى التوصل إلى حقيقة الأمر ذهبت سدى، فالراوي يزعم أن الأحداث وقعت فى آلورا وأن القائد المسيحى اسمه نارباييث ... إلخ. يستعرض لوبيث استرادا التاريخ الإسبانى فيكتشف أن أنتيكيرا ظلت إسلامية حتى عام 1410وقد تولى قيادتها نارباييث، وبالتالى فلا يمكن أن يكون قائدا لأنتيكيرا وآلورا -التى كانت إسلامية حتى عام 1482 - فى آن واحد. يخلص استرادا فى النهاية إلى أن التاريخ المشار إليه فى القصة لا يتفق مع الوقائع الموثقة، لكنه يؤكد –كما أشرنا – وجود حدث تاريخى استند إليه مؤلف القصة الموريسكية. ما هو الحل إذنا؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير