ولهذا السبب، ولأنهم دَرَسوا في الأزهر، ودرَّسوا، وصنفوا، انتشرت هذه الدعوة بمصر، وعُرفت.
لقد بقي «عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب» تلميذ الجبرتي مدة ثماني سنوات في مصر قبل عودته إلى وطنه في سنة (1241هـ)، وبقي ابنه «عبد اللطيف» ثلاثين عاماً في الأزهر.
ومن هذا يتضح أن دعوة الشيخ محمد وصلت مصرَ مبكراً، وهناك عرفها الشيخ رشيد رضا على حقيقتها؛ فماذا عرف عنها؟
يقول الشيخ رشيد: «لم يخلُ قرن من القرون التي كثرت فيها البدع من علماء ربانيين يجددون لهذه الأمة أمر دينها، بالدعوة والتعليم وحسن القدوة، وعدول ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين ... ولقد كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي من هؤلاء العدول المجددين، قام يدعو إلى تجريد التوحيد، وإخلاص العبادة لله وحده، بما شرعه في كتابه وعلى لسان رسوله خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم -، وترك البدع والمعاصي، وإقامة شرائع الإسلام المتروكة، وتعظيم حرماته المنتهكة المنهوكة ... ».
إنه لا يسع منصفاً مهما اختلف مع الشيخ رشيد رضا [18] إلا أن يقر بأنه «أبو السلفية» في مصر، وأن له في عنق السلفيين، شاؤوا أم أبوا شكروا له أو جحدوا، مِنَّةً وفضلاً، وآية ذلك دوره الرائد في نشر التراث السلفي، ومنافحته عن عقيدة السلف، ورموزها ممثلة في شيخي الإسلام ابن تيمية، ومحمد بن عبد الوهاب، وذلك من خلال مجلته «المنار».
لقد بدأ رشيد رضا الدفاع عن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب سنة 1320هـ (1903م)، ففي تلك السنة أقيمت بمصر احتفالات بمناسبة مرور مائة عام على مُلك أسرة «محمد علي» على مصر، وزُيِّنَتَ المساجد والجوامع بالأنوار، فهاجم رشيد ذلك العمل، وقال: «إن المساجد بيوت الله، ولا يصح أن تُزَين للاحتفال بذكرى الملوك والأمراء المستبدين». ثم تطرق إلى مساوئ سياسة «محمد علي» ومنها قتاله للوهابيين وقضاؤه عليهم، وهم الذين نهضوا بالإصلاح الديني في جزيرة العرب مهدِ الإسلام ومعقله» [19] ا هـ.
وقال أيضاً:
«هذه نُبذة صحيحة من تاريخ مجدد الإسلام في القرن الثاني عشر محمد بن عبد الوهاب، وقد اتفق الواقفون على تأثير ذلك الإصلاح من مؤرخي الشرق والغرب على أنه يشبه نشأة الإسلام الأولى، وأنه لولا الموانع التي اعترضته لجدد للإسلام مجده الديني والدنيوي معاً، وأعظم تلك الموانع: مقاومة الدولة العثمانية له، ومساعدة محمد علي باشا لها على قتال الوهابيين، وتدمير قوتهم، وكان المحرك الخفي لهذه المقاومة دولة الدسائس الشيطانية ـ يقصد بها بريطانيا ـ وعدوة الشرق ولا سيما الأمة الإسلامية» [20] ا هـ.
وقال الأمير شكيب أرسلان:
تصدى رشيد رضا للدعاية المناوئة لعلماء نجد، وعندما انتشرت الأراجيف ضدهم بعد افتتاح الطائف وزع ألوفاً من رسالة «الهدية السنية والتحفة النجدية»، ونشر مقالات في الدفاع عنهم، والرد على خصومهم، وقد قال له شيخ الأزهر أمام ملأ من العلماء: «جزاك الله خيراً بما أزلت عن الناس من الغمة في أمر الوهابية» [21].
وما زال أعداء الدعوة السلفية يروِّجون لهذه الكتب المملوءة بالكذب والتدليس، مما أوحاه الشيطان وزخرفه إبليس، وينفخون في رمادها، ويكررون صدى صوتها، **أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} [الذاريات: 53]، ولا عجب، فإن أعداء الحق في كل عصر على وتيرة واحدة، وقلوبهم متشابهة فيما يرد عليها من الخواطر والوساوس، وتلك سُنَّة ماضية، وكأنما التاريخ يعيد نفسه:
ألا إنما الأيامُ أبناءُ واحدٍ ... وهذي الليالي كلُّها أخواتُ
فلا تطلبن من عند يومٍ ولا غدٍ ... خلافَ الذي مرت به السنواتُ
ومن سنة الله ـ تعالى ـ أيضاً أنه يسلط جند الحق على أهل الباطل، فيذبُّون عن شريعته الغراء ما يُكدِّر صَفْوَها، ويُميطون أذى المبتدعين عنها.
من الدين كشف الستر عن كل كاذب ... وعن كل بِدْعيٍّ أتى بالعجائبِ
ولولا رجال مؤمنون لهدمت ... صوامع دين الله من كل جانبِ
وما أكثر المصنفات النافعة المباركة التي صنفها المئات من علماء أهل السنة ودعاتهم يذبون فيها عن دعوة شيخ الإسلام، ويدحضون شُبَهَ خصومها، ويكشفون حقائقها الناصعة. رحم الله أمواتهم، وبارك في عمر أحيائهم. واستقصاء ذلك له موضع آخر. (1)
(1) من كتاب خواطر حول الوهابية للشيخ محمد إسماعيل المقدم
ـ[ابومحمد بكري]ــــــــ[22 - 03 - 09, 01:22 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[26 - 03 - 09, 10:23 م]ـ
وإياك أخى
ـ[ماهر ابو البراء]ــــــــ[30 - 03 - 09, 02:24 م]ـ
زين للناس حب الشهوات مكن النساء
زين للناس حب الشهوات من النساء
ارجوا العديل
وجزاك الله خيرا
ـ[سامح رضا]ــــــــ[10 - 04 - 09, 05:10 م]ـ
بارك الله فيكم