تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولعمري، وإن أجهل الأغبياء لا يقول كما قال في كتابه الساق على الساق صفحة 664: ((فإما غيره من التراجمين)) أراد جمع الترجمان فأحوج إلى ترجمان. وهو من الجموع التي لم يسبق إليها لسان عربيّ، فما أدري أنّى استفاده. والصواب تراجم كزعفران وزعافر على ما ورد من كتب الأئمة. فيا ليت شعري أتراه تروَّى في هذه اللفظة لما ذكرها أم أوردها مجازفة؟ ألا وهو الذي يقول في صفحة 31 من هذا الكتاب: ((تتعقّبني بزلة قلم وبغير زلة)).

أراد وبزلة غيرها،ونحوه فإلتوى عليه المراد،وإن هي إلا زلة. وهذا يقرب من قول القائل: ((صدارة عظمى الملك إن أفل البدر)) أراد صدارة المُلك العُظمَى. فلما قدَّم الوصف اختل التركيب وفسد المعنى كما لا يخفى، وعلى حدّ عبارته التي مرّ ذكرها قوله بعد ذلك في حديث ((المرابض)): ((فإن أراد الشاعر الرجوع إلى أصل الفعل كان لا بُدّ له من التقييد كأن يقول مثلاً محافل الماء)). انتهى. وفيها ما في التي سبقت من نقص التعبير على أنها وحدها كافية لنقض جميع ما ماحك به في لفظة ((المرابض)). فإنه يشير بها إلى أنه يصحّ أن تُستعمل ((المرابض)) للخيل ولكن بشرط التقييد كأن يقال ((مرابض الخيل)) حذراً من الالتباس. وهو عين المصرَّح به في البيت الذي أُخذ عليه هذا الاعتراض حيث قيل: تكثر الخيل في المرابض إن عدَّت. إلى آخره. فتأمل.

ومن ذلك قوله: ((إني ذكرتُ في آخر سر الليال أني سأبيّن الغلط الذي وقع فيه في جدول ٍ مخصوص بعد ختام الكتاب بأسره))، انتهى. وهنا إلتوى عليه المعنى أيضاً، فإنه يقول إنه ذكر ذلك في آخر سر الليال، ثم يقول: إنه سيبين أغلاطه بعد ختامه. فعبارته الأولى تُشعر بأن الكتاب انتهى وأتى على آخره. وعبارته الثانية تُشعر بأن نهايته منتظرة فتدافع القولان. والصحيح أنه ذكر ذلك في آخر الجزء الأول من الكتاب لا في آخر الكتاب. اللهم إلا أن يكون سرّ الليال أسماً للجزء الأول من الكتاب فقط فلا يكون في المعنى إلتواء. ولكن يستدل به على سمو قيمة هذا المؤلف بأن وضع له أسماءً كثيرة فجعل لكل جزء منه اسماً مخصوصاً. ويحتمل أن يكون أشار بذلك إلى غرابة الكتاب فدلّ عليها بغرابة التسمية، والله وأعلم.

ومن ذلك قوله: ((إني لما أوردت ((الفطحل)) و ((المربط)) نسبتهما إلى غلط السهو))، انتهى.

ومقتضى نصه أن ((الفطحل)) و ((المربط)) غلط، مع أنه شاحن وماحك جهده لينسب إليهما الصحة، لا لينسبهما إلى الغلط فعاد هنا إلى تخطئة نفسه. وأمثال ما ذُكر كثيرةٌ في كلامه، فإنك إذا تأمّلته تأمل المنتقد وجدت فيه ما يحملك على العجب من غباوته ومن تهافته مع ذلك على المعارضة و السجال. ورحم الله القائل:

ومن عجب الأيام أنك لا تدري وأنك لا تدري بأنك لا تدري

ومما أعجبني في هذا الرد قوله: ((فأما قول اليازجي أن قصدي بإيراد هذه اللفظة ظاهر، فالأظهر أن يقال إنه ندب أضرابه من أهل بيروت للتحزّب معه عليّ))، انتهى. فلا جَرَم أنه من التأويلات المُضحكة، وما أدري كيف استنتجه لله درّه.

ولعمري، ما أرى في هذا الموقف ما يستحقّ أن يُنَدب إليه أحد ولكن ما زال هذا معظم خوف صاحبنا ومسند أمله. فكثيراً ما عّرض به في هذا الرّد فنكب عني وحزّب إليه، وهو يظنّ المسألة قائمة بكثرة المتحزّبين حتى بعثته صفاقة وجهه على أن صرّح في أواخر ردّة فقال: ((فليعلمنَ أن المنتصرين للجوائب أكثر من المنتصرين للجنان و لليازجي)). فلا ريب إنه كلام أولى أن يزجّه في قعر دواته ويخجل من ذكره. وما أظن عاقلاً إلا يعذله عليه ويلومه. بل الأظهر أنه يريد بكلامه هذا أن يبعث الفتنة ويبني على هذه المناقشة أموراً درست منذ زمنٍ مديد وأصبحت هباءً منثوراً. وهيهات ما يتمنى. فإن تلك الأحاديث قد أصبحت في خبر كان وعناية دولتنا العليّة في آثارها يوماً فيوماً. فإنها أيّدها الله بعد أن نشرت ما نشرت من ألوية التمدن و العرفان في ممالكها المحروسة وبثّت ما بثّت من نوايا السلام والإلفة بين رعاياها قد أصبح ذلك أمراً لا مطمع فيه. ولعمري، ما أرانا في ساحة حربٍ تزدحم فيها الحوافر و الأقدام حتى تقتضي كثرة المدّد. ولا أرى الناس في يدي، ولا أظنهم في يده يندبهم حيث شاء. وإنما نحن في مقام جَدَليّ تزدحم فيه الأفكار ولا ينفع

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير