[أقلام مسمومة تشوه تاريخ الأندلس-حسون و النقشبندي مثلا]
ـ[هشام زليم]ــــــــ[02 - 07 - 08, 03:09 ص]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم.
برزت في الأونة الأخيرة كتابات و تصريحات لشخصيات للأسف من العالم الإسلامي تدّعي أن فتح الأندلس لم يكن فتحا و إنما غزوا و احتلالا و أن الذين جاهدوا لفتح الأندلس لم يجاهدوا في سبيل الله و إنما كان للهوى و إرضاءا للملوك و الأمراء. ودليل القوم هو ما كان فتحا في سبيل الله فقد بقي بيد المسلمين و ما كان غزوا لإرضاء الملوك فقد طُرد منه المسلمون. و هذا القول يحتاج إلى دليل و إلا فهو الهوى و ما قيل إلا إرضاءا لأمراء و أيات قم.
قبل أن أورد الأقوال التي تفوّه بها هؤلاء في حق التاريخ الإسلامي الناصع الطاهرو خاصة بلاد الأندلس العزيزة, وجب معرفة بعض النقاط التاريخية المهمة للغاية و التي ستساعدنا إن شاء الله على معرفة خلفية أقوال هؤلاء المفترين.
فقد فنحت الأندلس سنة 92 هجرية على يد طارق بن زياد و موسى بن نصير رحمهما الله و ذلك خلال فترة حكم الوليد بن عبد الملك. ففتح الأندلسي إذن هو منقبة لبني أمية. بل و قد ارتبط تاريخ الأندلس أشد الإرتباط بالأمويين خصوصا بعد وصول عبد الرحمان بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم المعروف بعبد الرحمان الداخل أو صقر قريش إلى الندلس حيث وضع الأساس لحضارة إسلامية ستنير كل أوربا وستُضرب إلى قرطبته و جامعتها أكباد الإبل لتعلم العلوم الشرعية و الدنيوية من كل أنحاء العالم أنذاك. و بعده جاء أموي أخر هو عبد الركمان الناصر و ما أدراك كن عبد الرحمان الناصر الأموي. هذا الرجل هابه ملوك النصارى و بعثوا له ببناتهم لطلب وده و اتقاء بطشه. و الناصر رحمه الله له الفضل علينا نحن المغاربة -بعد فضل الله عز وجل-فهو الذي حارب و قض مضجع الدولة العبيدية الفاطمية الشيعية بالمغرب و منعها من بث دعوتها الفاسدة إلى إلى بلاد الأندلس التي ظلت سنية حتى خرج الإسلام منها.
بل وحتى بعد سقوط غرناطة ظل للأمويين تواجد و لعل أعظم مثال على ذلك حصل عند ثورة غرناطة الكبرى سنة 1568م (أي 76 سنة على سقوط غرناطة بيد النصارى) و قد كان قائد هذه الثورة هو فرناندو دي بالور و اسمه الإسلامي محمد بن أمية بما أنه حفيد للأمويين. وقد قتل رحمه الله خلال هذه الثورة.
و هكذا إذا عٌرف السبب بطُل العجب. فلا ننتظر من الروافض و لا من تأثر بهم أن يشده الحنين إلى أرض الأندلس و إلا فقطعا سيترحمون على فاتحيها و من شيد حضلرتها من الأمويين و هذا مستحيل في دين الروافض المبني على لعن بني أمية بسبب أو بغير سبب.
و إن كنت لا أتهم بالتشيع من تفوه بهذه الأقوال في حق الأندلس فإني لا أستبعد أن يكون يعمل لصالح المشروع الشيعي الذي من بين أولوياته تشويه التاريخ الإسلامي و تصوير الأبطال و الأخيار كخونة و جبناء (كما فعلوا مع الصحابة رضوان الله عليهم).
في حديث خص به مفتي سوريا العام أحمد بدر الدين حسون موقع العربية-نت و هو ذلك الحوار الشهير الذي اعتبر فيه نفسه شيعي و سني و سلفي و صوفي. شن حسون هجوما عنيفا على الأندلس و فاتحيها معتبرا هذا الفتح في سبيل الملوك و الأمراء حيث قالت العربية:
"في سياق متصل، أكد الشيخ أكد الشيخ حسون أنه تحدث عن الفتوحات الاسلامية. ونقلت عنه وسائل إعلام ألمانية "ونفى حسون وجود ما يسمى بالحرب المقدسة في الكتب السماوية"، مشيرا في هذا السياق إلى "أن الحروب الصليبية والفتوحات الإسلامية لم تكن من أجل الدين، بل من أجل مصالح الملوك والأمراء".
إلا أن الشيخ حسون أكّد لـ"العربية. نت" أنه لم يقل "كل الفتوحات". وأوضح " لم تكن كل الفتوحات اسلامية وإنما كان يدخل عليها بعض الأهواء، وعلينا إعادة قراءة الفتوحات الاسلامية فما كان فتحا فهو فتح وما كان للملوك والأمراء لنضعه لهم ".
وأضاف " مثلا فتح الأندلس نسميه فتحا، وهو ليس كذلك، ولذلك أُخرجوا من هذا الفتح. والذي كان فتحا لم يُخرجوا منه والذي كان غزوا أُخروجوا منه. وكل فتح حقيقي لم يكن من أجل الدنيا، ولم يكن من أجل قتل الناس ولا قُتل فيه أُناس، فقد فتح بلادا وصارت اسلامية".
طبعا فهو يقصد بالملوك و الأمراء بني أمية إن لم يكن يقصد الصحابة بعينهم: فبما أن ما هو فتح لم يأخذ من يد المسلمين و ما هو في سبيل الملوك أُخد من يدهم فإن فتح فلسطين -و هي سليبة اليوم كالأندلس- هو في سبيل الملوك و نعلم جميعا أن فاتح فلسطين هو الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
و هناك شخصية أخرى حاولت الطعن في فتح الاندلس لكن هذه الشخصية ليست لها الجرأة التي لحسون الذي أعلنها صراحة. فالتجأ إلى تأليف رواية و التحدث بلسان شخصية في الرواية عما يجول في ذهنه. إنه الكاتب و الروائي السعودي هاني النقشبندي الذي أنقل لكم ما تفوه به عبر روايته (المسماة "احتلال الأندلس") كما جاءت في موقع العربية:
"وفوق ما في القصر (قصر الحمراء) من لعنة، أصر سلاّم على اعتباره رمز احتلال عربي بربري للأندلس، مؤكدا أن فتحا إسلاميا للتلك البلاد لم يكن أكثر من وهم سقط مبرره الأخلاقي بابتعاد العرب عن نشر ثقافتهم الدينية وتسامحهم طوال تسعة عقود من الزمن، ليخرجوا من البلاد كما دخلوها، وليصبحوا هم النصاري بعد أن عجزوا أن يدفعوا بأهل البلاد الأصليين ليصبحوا مسلمين، الأندلس كانت الاستثناء الوحيد في التاريخ العربي والإسلامي التي يطرد منها العرب ودينهم دفعة واحدة.
هكذا يرى سلاّم أن إعادة بناء الحمراء واستنساخها، بما تنطوي عليه غايات الأمير إن هي إلا محاولة لتكريس صدام بدأه العرب باحتلال أرض ليست من حقهم، وينبغي لهذا الصدام أن يتوقف، أن يتحول إلى حوار .. أن يتحول إلى حب."