تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[شنقوا أختكم الغرناطية و حرقوها بتهمة اتباع دين محمد]

ـ[هشام زليم]ــــــــ[05 - 07 - 08, 03:48 ص]ـ

بسم الله الرحمان الرحيم. و السماء ذات البروج. و اليوم الموعود. و شاهد و مشهود. قتل أصحاب الاخدود. النار ذات الوقود. إذ هم عليها شهود. و هم على ما يفعلون بالمومنين شهود. وما نقموا منهم إلا أن يومنوا بالله العزيز الحميد) اية 1 - 8 .. سورة البروج.

استحضرت هذه الأية القرأنية المباركة و أنا أقرأ في أحد الكتب عما حدث لامرأة غرناطية مسلمة على يد النصارى أيام محاكم التفتيش بإسبانيا. هذه المؤسسة المتوحشة التي كان يطلق عليها المورسكيون المسلمون "محاكم الشيطان ومحاكم الذئاب المفترسة و حيث يحكم الشيطان الذي اتخذ من الخذيعة والتضليل مستشارين له".

نعم لم تكن لهذه المؤسسات الإرهابية رأفة و لا شفقة بالمسلمين الذين غلبوا على أمرهم و بقوا في الأندلس بعد زوال الحكم الإسلامي بغرناطة سنة 1492م. فقد نصّروهم بالقوة و أجبروهم على تغيير أزيائهم و أسمائهم الإسلامية و حرّموا عليهم التخاطب بالعربية, يعني باختصار التنكر لجميع مظاهر الدين الإسلامي و إن كانت بسيطة كالإغتسال و اللباس النظيف.

فاضطر الأندلسيون أمام هذا الوضع إلى اخفاء إسلامهم و التظاهر بالنصرانية خصوصا و أنهم مُنعوا من الهجرة من إسبانيا فقد كانوا من خيرة الصناع و المزارعين بالبلاد و هجرتهم ستٌضعف اقتصاد إسبانيا النصرانية. و قد كان إخفاء الإسلام محور الفتوى التي أرسلها مفتي وهران بوجمعة المغراوي رحمه الله إلى القابضين على الجمر ببلاد الأندلس بعد سقوط غرناطة حيث دعاهم إلى الحفاظ على الإسلام باطنا والتظاهر بالنصرانية حفاظا على أرواحهم و نسلهم و عملا بالأية اكريمة (إلا من أُكره و قلبه مطمئن بالإيمان) إلى أن يأتي فرج قريب من عند الله.

و هكذا عاش الاندلسيون حياة مزدوجة فخارج البيت نصارى ظاهرا أما بالبيت فالتعاليم الإسلامية هي السائدة, و هذا ما اضطر النصارى إلى فرض قانون يُلزم الأندلسيين بترك منازلهم مفتوحة حتى يمكن لمحاكم التفتيش مباغثتهم في أي و قت و التأكد من عدم قيامهم بالشعائر الإسلامية سرا.

هذه الإجراءات المتعصبة ضد الإسلام صوّرها أحد المورسكيين المسلمين الذين عايشوا تلك الأحداث الرهيبة إلى التصريح في مخطوطة ذكرها الفرنسي لوي كاردياك في كتابه "المورسكيون الأندلسيون و المسيحيون" و هذا التصريح يختصر لنا ماهية محاكم التفتيش , حيث يقول هذا المورسكي في المخطوط:"إن حكام دواوين محاكم التفتيش الكفار بفضل أسلوبهم الشيطاني , و حيث دفعوا من طرفه, فقد أرادوا أن يصبحوا حكاما على الأرواح, وقد دفعوا غيرهم بالقوة إلى أن يتبعوا دينهم اللعين الذي لا يتمتع بأي أساس"

و نعود إلى أختنا الغرناطية رحمها الله التي لم تستطع إخفاء الإسلام فكانت تظهر عليها علامته ما دفع محاكم التفتيش إلى اعتقالها ثم عفوا عنها ثم عادوا و اعتقلوها لإظهارها مظاهر إسلامية و قاموا بشنقها ثم حرقها و هي ميتة رحمها الله. فانظروا رحمكم الله إلى هذه الجريمة البشعة التي ارتكبت في حق امرأة مسلمة أيام استأسد النصارى على الأندلسيين المسلمين ...

يقول الفرنسي كاردياك في كتابه السالف الذكر " من ذلك أن محكمة لوقورنو أحرقت مورسكية سنة 1576م, بعد أن تم تنفيذ عقاب العار فيها وهو الشنق. إن هذه السيدة كانت قد أعفي عنها سنة 1571, لأنها تعد إحدى مورسكيات غرناطة التي استفادت من العفو العام الذي أعلن عنه بعد حرب البشرات. و أسقف كالاهورا من جهته, فرض عليها توبة سرية. أما الأن فقد أصبحت " من المرتدين إلى دين محمد" و هو السبب الذي من أجله سلمت إلى السلطة المدنية و تم إحراقها" المصدر Llorente; HISTORICA: CRITICA....op.cit t IV; P 229

انظروا كيف قتلوا نساءنا بل شنقوهن و حرّقوهن و كانت جريمتهن اتباع تعاليم محمد عليه الصلاة و السلام ... انظروا كيف قلبوا الطاولة علينا اليوم و اتهمونا بذلك نحن و التاريخ يحكي أنهم هم الإرهابيون المجرمون , قتلوا النساء باسم الدين المسيحي و رمونا بدائهم و انسلوا. أما نحن فديننا لا يُجبر غير المسلم على اعتناق الإسلام و قاعدتنا هي الأية الكريمة (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي). والإسبان يعلمون اليوم هذا جيدا , فالإسلام فتح الأندلس و لم يُجبر أهلها على اعتناقه بل تركوا لهم كنائسهم و دور عبادتهم حتى باعوها للمسلمين عن طيب خاطرفأقاموا مكانها مساجد؛ بل لما اعتنقوا الإسلام حولوها بأنفسهم لمساجد. فبالرحمة و التسامح دخل الإسبان في دين الله أفواجا و لما سقطت دولة الإسلام بالأندلس أرادوا الإنتقام لدينهم فاتخذوا الإرهاب وسيلة لإدخال المسلمين في عقيدة الثالوث أفواجا.

لكن بعد 120 عاما على محاولات التنصير يئس القساوسة و الرهبان من المورسكيين و استيقنوا أنهم لن يدخلوا أبدا في دين النصرانية مهما قتّلوهم و عذبوهم و حرّقوهم فالإسلام قد تمكن من قلوبهم و لا مكان فيه لدين غيره. فقاموا بطردهم من إسبانيا إلى بلاد الإسلام بشمال إفريقيا و تركيا سنة 1609م.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير