ثم تعقبه ابن جني قائلا: وذلك أنه لا ينكر أن يؤثر الشيء فيما قبله من قبل وجوده، لأنه قد علم أن سيرد فيما بعد، وذلك كثير فمنه أن " النون الساكنة " إذا وقعت بعدها الباء قلبت النون ميما في ا للفظ، وذلك نحو" عمبر" في "عنبر" فكما لا يشك في أن الباء في ذلك بعد النون وقد قلبت النون قبلها، فكذلك لا ينكر أن تكون حركة النون الحادثة بعدها تزيلها من الأنف إلى الفم، بل إذا كانت الباء أبعد من النون قبلها من حركة النون فيها وقد أثرت على بعدها ما أثرته، كانت حركة النون التي هي أقرب إليها أشد التباسا بها، أولى بأن تجذبها وتنقلها من الأنف إلى الفم، وهذا كما تراه واضح أ. هـ
* سؤال:- ما مقدار الحركة؟
قال د/ جبل:" الألف يمتد امتداد حركتين على الأقل أي 0.32 من الثانية وقد يزيد إلى مقدار ست حركات أ. هـ
قلت: وبالتالي فإن زمن الحركة يكون نصف ما تقدم (أي 0.16 من الثانية) لأن هذا الرقم نصف زمن الحركتين وهذا بحث بالأجهزة الحديثة وهذا من باب الاستئناس، والمشافهة فيصل في مثل هذه الأمور
تفريع:
وقد جاء بعض الناس واعترضوا على قول علمائنا فى لفظ حر كة ويعتر ضون على تفسيرهم للحر كة بأ ن مقدارها بسط الأصبع أو قبضه دون إسراع أو إبطا ء، ثم يقو لون إنها بالمشافهة.
أقول: لم ينكر أحد المشافهة وإنماهي من باب التقريب، و هم يعلمون ذلك فلست أدرى لم يعقبوا طالما أن المسألة للتقريب؟!! فالقدامى مثلا يقولون فى الإمالة: أن تنحو بالألف نحو الياء، و بالفتحة نحو الكسرة دون أن تكون ياء خالصة أوكسرة خالصةـ أى بين الفتحة والكسرة وبين الألف والياء.
هل المبتدئ يستطيع نطق الإمالة بمجرد حفظ هذ ا التعريف؟ بالطبع لا000فلا بد أن يأخذ عن متقن يلقنه الإمالة الصحيحة 0 والسؤال هنا طالماأن الإمالة لا تتحقق إلا بالمشافهة فلم أجهدوا أنفسهم وكتبوا هذ ا التعريف؟ الجواب: إنما هو من باب التقريب فلعل معرفة التعريف يسرع بالطالب فى حصول المقصود 0
وإن عدنا إلى عهدالصحابة لم يصطلحوا لاعلى مقدار ألف وألفين، ولاعلى حركة وحركتين، وحديث ابن مسعود خير شاهد وقد قرأها عمليا ومد "للفقراء" كما لم يردعنه ولاعن غيره من الصحابة أ ى شي في هذا الباب – ثم بدأ عصر التدوين فهذا من لوازم التأليف والكتابة 0
حتى فى باب المدود فى النشر ذكر اختلافهم فى التقدير وكلهم مجمعون على عدم المد المفرط ولا القصر المخل0
ولكن لكل عصر أهله، فلربما مصطلح قديم لا يفهم لأهل هذا العصر إلابوضع مصطلح جديد يوضح المصطلح القديم،وقد قال أبو شامة " لامشاحة في الاصطلاح إذا عرفت الحقائق0"
وما تقدم ينطبق أيضا على "الغنة ".
قلتك وهذا الذى يقولونه ناتج عن فراغ علمي. والله أعلم
سؤال:هل هناك مساواة بين مقدار الغنة والمد؟
الجواب: لا: قد يظن البعض أن زمن الحركتين فى الغنة تعادل زمن الحركتين فى المد، بل أقول: إن حركتى المد الطبيعى شئ وأربعة المتصل شئ آخر، فإن قرأت " قاال " بألفين بعد القاف مثلا هل يستغرقا نفس زمن المد المتصل بأربع حركات؟ بالطبع لا، وجربها بنفسك لتعلم الفرق، وكذلك مقدار الغنة حركتين وشبهها ابن الجزرى بحروف المد من باب التقريب وإلا فلم نجد من قرأ ب (قال) مثلا يستغرق نفس زمن من غن (إنّ) وأيضا من يقرأ بالحدر غنته لا يمكن أن تكون بنفس المقدار إن قرأ بالترتيل مثلا، وكذا المد نفس حكم ما سبق، فيتضح لك أن إطلاقهم الحركتين وما ترتب عليه من باب التقريب، وهذا واضح وإليك نصوص الأئمة: قال الدانى في التيسير في المدود " وهذا كله على التقريب من غير إفراط وإنما هو على مقدار مذاهبهم في التحقيق والحدر " وقال المالقى فى شرح التيسير " ومذاهب القراء في ذلك لابد أن تكون موافقة كما عليه كلام العرب الذى نزل القرآن به فمن مذهبه الأخذ بالصبر والتمكين فإنه يزيد في المد، ومن مذهبه الحدر والإسراع فإنه يمد بتلك النسبة، ومن توسط فعلى حسب ذلك وحينئذ يتناسب المد والتحريك، ولو أن المسرع بالحركات أطال المد والممكن للحركات قصر المد، لأدى ذلك إلى تشتت اللفظ وتنافر الحروف. والله أعلم " ا. هـ الدر النثير 317 وقال ابن الجزرى في النشر "قال: قال في كفايته: .... ويتفاوت تقدير المد فيما بينهم والمشافهة تبين ذلك " ا. هـ وقال في موضع آخر " ..... يستوى في معرفة ذلك أكثر الناس ويشترط في ضبطه غالبهم وتحكم المشافهة حقيقته، ويبين الأداء كيفيته، ولا يكاد تخفى معرفته على أحد وهو الذى استقر عليه رأى المحققين من أئمتنا قديما وحديثا ... ثم قال وبه كان يأخذ الشاطبى ولذلك لم يذكر فى قصيدته في الضربين تفاوتا ولا نبه عليه بل جعل ذلك مما تحكمه المشافهة في الأداء .... ثم نقل عن القصاع:" وهذا الذى ينبغى أن يؤخذ به ولا يكاد يتحقق غيره، أى المشافهة فى المدود ــ ثم قال ابن الجزرى:" وهو الذى أميل إليه وآخذ به غالبا وأعول عليه " ا. هـ 333
وهذا ما من الله به علىّ وأسأله أن يتقبله منا وأن يجعله خالصا لوجه .... آمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبوعمر عبد الحكيم
¥