تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أحمد الأقطش]ــــــــ[08 - 06 - 09, 11:31 ص]ـ

ثانياً: حديث أم مبشر

((أن أم مبشر قالت للنبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه: ما يتهم بك يا رسول الله؟ فإني لا أتهم بابني شيئاً إلا الشاة المسمومة التي أكل معك بخيبر. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "وأنا لا أتهم بنفسي إلا ذلك، فهذا أوان قطعت أبهري")).

التخريج

- أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (19815)، وأخرجه أبو داود (4515) عن مخلد بن خالد عنه.

- وأخرجه أبو داود (4516) وكذلك الحاكم (المستدرك 4966) من طريق رباح بن زيد.

كلاهما (عبد الرزاق، ورباح): عن معمر بن راشد، عن الزهري.

واختُلف عن الزهري على أربعة أقوال:

• عن الزهري، عن ابن كعب بن مالك مرسلاً: (عبد الرزاق في مصنفه).

• عن الزهري، عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه: (مخلد بن خالد عند أبي داود).

• عن الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أمه: (أحمد بن حنبل من طريق رباح عند أبي داود).

• عن الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه، عن أم مبشر: (أحمد بن جعفر من طريق ابن حنبل عند الحاكم).

نقد الحديث

** هذا السند اضطرب فيه الرواة، فلم يضبطوه مِن الزهري فما فوق. قال أبو داود: ((وربما حدَّث عبد الرزاق بهذا الحديث مرسلاً: عن معمر، عن الزهري، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وربما حدث به عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك. وذكر عبد الرزاق أن معمراً كان يحدثهم بالحديث مرة مرسلاً فيكتبونه، ويحدثهم مرة به فيسنده فيكتبونه، وكلٌّ صحيح عندنا. قال عبد الرزاق: فلما قدم ابن المبارك على معمر، أسند له معمر أحاديث كان يوقفها)). اهـ

قلتُ: أرجع أبو داود هذا الاختلاف إلى صنيع معمر نفسه، ولكن يظهر أن الرواة أيضاً مشتركون في هذا الاضطراب. فقد خالف رباحٌ عبدَ الرزاق: ففي رواية عبد الرزاق عن معمر أن شيخ الزهري هو ابن كعب، بينما في رواية رباح عن معمر أنه حفيد كعب وليس ابنه. ثم في رواية رباح عند أبي داود "عن أمه" يعني زوجة عبد الله بن كعب، وعند الحاكم "عن أبيه" يعني عبد الله بن كعب وليس كعباً نفسه! ثم عند عبد الرزاق وأبي داود من طريقه ومن طريق رباح أيضاً: "أن أم مبشر" هكذا مرسلاً. لكنه عند الحاكم موصول: "عن أبيه عن أم مبشر".

فهذا الحديث وقع فيه أيضاً (تعارض الوصل والإرسال)، وهو بطريقيه (عبد الرزاق، ورباح) لا يصحّ.

* فأما رواية عبد الرزاق: فمعلولة بثلاث علل:

(1) تدليس الزهري: فقد عنعن وقال: ((عن ابن كعب)).

(2) الانقطاع بين الزهري وابن كعب: فقد قال أحمد بن صالح المصري (جامع التحصيل في أحكام المراسيل ص269): ((لم يسمع من عبد الرحمن بن كعب بن مالك شيئاً، والذي يروي عنه هو عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك)). اهـ فهو يروي عن حفيد كعب لا ابنه.

(3) الانقطاع بين ابن كعب وأم مبشر: فقد جاءت الرواية مرسلة: ((عن ابن كعب بن مالك: أن أم مبشر قالت)). وقد مرّ عليك أن ابن كعب المقصود هو حفيد كعب بن مالك، وهو لم يدرك أم مبشر ولم يسمع منها.

** وأما رواية رباح: فمعلولة بثلاث علل:

(1) تدليس الزهري.

(2) جهالة أم عبد الرحمن: جاء السند عند أبي داود ((عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أمه)). قال ابن الأعرابي: ((كذا قال "عن أمه"، والصواب "عن أبيه عن أم مبشر")). اهـ قلتُ: فقوله "كذا قال" دالٌّ على أن هذا هو السند كما ثبت في سنن أبي داود، وأن التعديل جاء في الإسناد النازل.

(3) الانقطاع بين أم عبد الرحمن وأم مبشر: فقد جاء السند هكذا ((عن أمه أن أم مبشر دخَلَت)) ولم تعاصر أم عبد الرحمن هذه الواقعة ولا سمعتها من أم مبشر.

** أم مبشر ليست أم بشر

.. تبقى علة أخرى تكشف بطلان هذه القصة وهو ما يتعلق بهذه الصحابية، لأن أم مبشر ليست هي أم الصحابي بشر بن البراء الذي مات من سُمّ الشاة، ولا علاقة لها به .. بل هي زوجة زيد بن حارثة!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير