"و حدّثني صديقنا الأديب الكبير خير الدين الزركلي رحمه الله أنه كان مرة في زيارة للأشبونة و استدعاه أحد و جهائها, و اثناء الحديث قال له: ’’إننا ما نزال مسلمين نتوارثه عن جدودنا منذ العهد الإسلامي’’.
و اخبرني الدكتور محمد الناصري, أستاذ الجغرافيا بكلية الأداب بجامعة حمد الخامس بالرباط, أن شابين سلاويين أخبراه أنّهما كانا في إسبانيا, فلقيهما رجل في إحدى المدن فسلم عليهما و سألهما عن بلدهما. فلما عرف أنهما مغربيان استدعاهما لتناول طعام الفطور عنده و أعطاهما عنوانه. فلما ذهبا وجدا دارا نظيفة مثل دور المسلمين, و رحبت بهما العائلة المحتشمة, و قالوا لهما: {إننا مسلمون نخفي إسلامنا}. و لم يفهم الشابان معنى لهذا ...
و أخبرتني الدكتورة أمنة اللوه أنها كانت في الأندلس صحبة زوجها, صديقنا الأستاذ إبراهيم الألغي رحمه الله, فالتقيا في الطريق بأسرة أندلسية لاحظا أن نساءها يرتدين ثيابا محتشمة, فتعارفا, و أخبرتهما أنهم مسلمون يخفون إسلامهم.
.و قرأت في جريدة النور الإسلامية التي تصدر بتطوان مقالا بقلم مديرها صديقنا الدكتور إسماعيل الخطيب يتحدّث فيه عن حظوره أول صلاة للعيد أقامها المسلمون بمدينة غرناطة بعد إعلان الحرية الدينية بإسبانيا, و ذكر أن من بين الذين حظروا الصلاة شخص كان يحمل حقيبة أخرج منها ثوبا إسلاميا لبسه بعد أن نزع ثوبه النصراني, و أنه من المسلمين الذين كانوا يخفون إسلامهم. و قد اهتز كياني و اقشعرّ جلدي و أنا أقرأ هذا الخبر, و أسفت أسفا شديدا أن الدكتور لم يتصل بهذا الرجل و يسأله عن شعوره في هذه المناسبة , و عن تجاربه الإسلامية في المرحلة السابقة.
و بهذه المناسبة أشيرإلى ان المكتبة الأندلسية, و الإسلامية على العموم, في حاجة أكيدة إلى معلومات وافية يُدلي بها هؤلاء الذين عاشوا هذه الحياة المزدوجة بين النصرانية في العلن والإسلام في السر. لإإن استمرار جماعة من المسلمين الأندلسيين, يعيشون مدة خمسة قرون حياة مزدوجة , يتظاهرون فيها بالنصرانية و يسرون الإسلام, متعرضين في ذلك لمختلف الأخطار و الأهوال التي تحدث عنها الكتاب ليعتبرظاهرة فريدة في المجتمع البشري, و خارقة للعادة بكل المقاييس, تبين بكل وضوح أن الدين الإسلامي هو دين الفطرة التي فطر الناس عليها, كما قال الله سبحانه, و هو أصدق القائلين, و أنه استطاع أن يمتزج بأرواح و شغاف قلوب أفراد هذا الشعب الأندلسي النبيل, رجالا و نساءا و أطفالا , بدوا و حضرا , و يكون منهم أمة إسلامية حقيقية استطاعت أن تحقق للإسلام هذه المعجزة العظمى , فتصمد في ميدان التحدي خمسة قرون, لا سلام لها إلا إيمانها الذي يغلب.
لقد تبيّن بما لم يبق معه شك و لا لبس و لا إبهام , أن جماعة من مسلمي الأندلس الذين لم يغادروا الأندلس عندما استولى الصليبيون عليها, قد تنصروا ظاهرامرغمين, و استمروا مسلمين مختفين , إلى أن انبعث الإسلام بالأندلس من جديد, فأظهروا ما كانوا يخفون. و تمثلت هذه الظاهرة الخارقة في ذلك المؤمن الأندلسي المجهول الذي شاهده الدكتور إسماعيل الخطيب يحضر صلاة العيد في غرناطة حاملا حقيبته التي فيها ثوبه الذي يصلي به. و استمر المسلمون الأندلسين يخفون إسلامهم 500 عام إلى أن عادت الحرية الدينية لإسبانيا, و اعترفت حكومتها بالدين الإسلامي و بالقومية الأندلسية المتميزة التي جذورها الإسلام و العربية حسبما قرربطلها في العصر الحديث الشهيد –بإذن الله- بلاس انفانتي تغمده الله بواسع رحمته. فنؤكد أن التعرف على هؤلاء و التعريف بهم أمر شديد الأهمية لدرجة قصوى سواء من لا يزال حيا لحد الان أو من أدركه أجله منذ انبعاث الإسلام بالأندلس و كذلك كل من عرف أنه كان مسلما أيام "" التقية"".
ص 10 - 11 - 12 كتاب انبعاث الإسلام بالأندلس
كما رأيت أخي الحبيب فهم لازالوا يعيشون كابوس محاكم التفتيش النصرانية و لا يثقون في أي محاولات للتقرب منهم حيث يعتبرون تلك المحاولات وسيلة للتجسس عليهم. رغم ذلك فإذا اطمأنوا للشخص و تيقنوا من أنه مسلم ففي هذه الحالة يعترفون له بإسلامهم و يستأمنونه على ذلك.
و هؤلاء الإخوة في حاجة ماسة لدعم العالم الإسلامي لهم و تحسيسهم بتضامنهم معهم على أساس الأخوة الإسلامية ووحدة المصير و أنهم لن يتم تسليمهم في أي حال من الأحوال لمحاكم التفتيش إن هي عادت و حاولت محاسبتهم.
ـ[أبو حازم المسالم]ــــــــ[10 - 07 - 08, 01:22 م]ـ
والأهمية في دوقة مدينة سيدونيا؛ أن عندها مكتبة فاخرة مليئة بالوثائق منذ ثلاثمائة وأربعمائة وخمسمائة عام، من ضمنها وثائق مسلمي أميركا الجنوبية!، والبرهان على الوجود الإسلامي في أميريكا قبل أربعمائة عام من كريستوف كولومبوس.
وأخبرتني أنها خائفة من أنها إذا ماتت – وهي تبلغ حوالي سبعين عاما – من أن تسرق وثائقها وتعدم، لأنها تقول بأنه: "لا ثقة في نصارى إسبانيا إلى يومنا هذا"، وهي تقول بأنه: "إلى يومنا هذا يعدمون الوثائق التاريخية المضادة لخرافاتهم التاريخية التي يحبون إقناع الناس بها".
هلاّ قام أحدهم بتصويرها رقميا؟
فبذا نستطيع حفظها ونشرها للآفاق ..
¥