تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

البقاء الى النفخ، ليس بخلود. ألا ترى أن إبليس، لعنه الله، لا يسمى خالداً. وإن كان من المنظرين الى يوم الوقت المعلوم، ويذكر أن أبا محمد رحمه الله تعالى كتب الى أبي بكر الأبهري رضي الله عنه

تأبى قلوبٌ قلوبَ قوم ... وما لها عندها ذنوب

وتصطفي أنفس نفوساً ... وما لها عندها نصيب

ما ذاك إلا لمضمرات ... أضمرها الشاهد الرّقيب

قال أبو القاسم اللبيدي: اجتمع عيسى بن ثابت العابد، بالشيخ أبي محمد، فجرى بينهما بكاء عظيم وذكر، فلما أراد فراقه، قال له عيسى: أريد أن تكتب اسمي في البساط الذي تحتك، فإذا رأيته دعوت لي. فبكى أبو محمد، وقال: قال الله تعالى: " إليه يصعدُ الكلِمُ الطيّبُ والعملُ الصالح يرفعه ". فهَبْني دعوت لك. فأين عمل صالح يرفعه؟

وفاته رضي الله عنه

وتوفي أبو محمد رحمه الله، وغفر له، سنة ست وثمانين وثلاثماية. ورثاه كثير من أدباء القيروان، بمراث مشجية. فمن قول أبي الخواص الكفيف:

هذا لعبد الله أول مرع **** تُرزا به الدنيا وآخر مصرع

كادت تميد الأرض خاشعة الرُبى **** وتمور أفلاك النجوم الطُلّع

عجباً أيدري الحاملون لنعشه **** كيف استطاعت حمل بحر مترع

علماً وحكماً كاملاً وبراعة **** وتُقى وحسن سكينة وتورع

وسعَتْ فجاج الأرض سعياً حوله **** من راغب في سعيه متبرع

يبكونه ولكل باك منهم **** ذلّ الأسير وحرقة المتوجع

وقال أبو علي ابن سفيان في قصيدة:

غصت فجاج الأرض حتى ما تُرى**** أرض ولا علم ولا بطحاء

ما زلت تقدم جمعهم هرباً لهم **** في مركب حفت به النجباء

وذكر أن أبا محمد بن أبي زيد، رحمه الله. رؤي في مجلسه تحت فكرة وكآبة. فسئل عن سبب ذلك؟ قال: رأيت باب داري سقط، وقد قال فيه الكرماني، إنه يدل على موت صاحب الدار. فقيل له: الكرماني مالك في علمه؟ قال: نعم. هو مالك في علمه، أو كأنه مالك في علمه. فلم يقم إلا يسيراً. ثم مات رحمه الله.


انتهت الترجمة من كتاب ترتيب المدارك وتقريب المسالك

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير