تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكلف النساء في الحصون إذا شعرن بالخطر أن يرفعن السيوف من فوق الحصون ليراهاالمسلمون ويحضروالنجدتهن (60).

وتكررت محاولات المشركين اقتحام الخندق أياماً عديدة، وكان زعماء المشركين يتناوبون قيادة الهجوم، فيغدو أبو سفيان يوماً وهبيرة بن وهب يوماً وعكرمة بن أبي جهل يوماً وضرار بن الخطاب يوماً (61)،وكانت المناوشات تستمر في بعض الأيام طوال النهار وجزءاًمن الليل فقد روى الإمام أحمد (62) والنسائي (63) أن المشركين شغلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً عن صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء فصلاهن جميعاً.

ومرة تمكّن عدد من فرسان المشركين من اجتياز الخندق فيهم عمرو بن عبد ود وعكرمة بن أبي جهل وضرار بن الخطاب ونوفل بن عبد الله المخزومي، وجالوا في السبخة بين الخندق وسلع، فتصدى لهم علي بن أبي طالب في نفر من المسلمين، وطلب عمرو المبارزة فبارزه علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقتله، وحمل الزبير على نوفل بن عبد الله بالسيف فقتله (64)، وفرّ الباقون (65).

فطلبت بنو مخزوم من النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيعهم جثته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا حاجة لنا في جسده ولا بثمنه، فخلى بينهم وبينه (66)

وبدأ بعض اليهود التحرش بحصون المسلمين، فاقترب رجل من بني ثعلبة بن سعد يقال له: نجدان من حصن بني حارثة ووقف على فرسه أسفل الحصن وجعل يقول للنساء: انزلن خير لكن، فحركن السيوف فأبصرها بعض المسلمين وأسرعوا إليهم، وانقض عليه ظهير بن رافع فقتله وأخذ رأسه إلى النبي صلى الله عليه وسلم (67).

وطاف بعض اليهود بحصن فارع، وحاول أحدهم تسلقه، وكان فيه بعض زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وعمته صفية بنت عبد المطلب، وعدد من نساء الصحابة، فضربته صفية رضي الله عنهابعمود على رأسه فقتلته، وألقت برأسه إلى أصحابه خارج الحصن، فذعروا وانسحبوا وهم يقولون: قد علمنا أن محمداً لم يكن ليترك أهله خلوفاً ليس معهن أحد (68).

وشدد المسلمون المراقبة على أطراف الخندق ليلاً ونهاراً، وخاصة في الأماكن التي يمكن أن تقفزها الخيل القوية، وشارك الرسول صلى الله عليه وسلم في الحراسة قرب القبة التي ضربت له، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يختلف إلى ثلمة في الخندق يحرسها حتى إذا آذاه البرد جاءني فأدفأته في حضني فإذا دفئ خرج إلى تلك الثلمة يحرسها ويقول: ما أخشى أن يؤتى الناس إلا منها، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حضني قد دفئ وهو يقول: ليت رجلاً صالحاً يحرسني قالت: إلى أن سمعت صوت السلاح وقعقعة الحديد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا؟ فقال: سعد بن أبي وقاص، قال: عليك بهذه الثلمة فاحرسها، قالت ونام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعت غطيطه (69).

ولتخفيف الضغط على المسلمين أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يصالح غطفان على ثلث ثمار المدينة على أن يرجعوا عن قتال المسلمين، فاستشار زعيمي الأوس والخزرج سعد بن معاذ وسعد بن عبادة فقالا: يا رسول الله أمراً تحبه فتصنعه أم شيئاً أمرك الله به لا بد لنا من العمل به، أم شيئاً تصنعه لنا؟ قال: بل شيء أصنعه لكم، والله ما أصنع ذلك إلا لأنني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة وكالبوكم من كل جانب فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم إلى أمر ما، فقال سعد بن معاذ: يارسول الله قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان لا نعبد الله ولا نعرفه وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها تمرة إلا قرى أو بيعاً، أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك نعطيهم أموالنا؟ والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فأنت وذاك (70)، وترك مصالحة غطفان.

ومرت أيام والحصار على حاله، يحاول بعض المشركين اجتياز الخندق فيتصدى لهم المسلمون، ويتراشق الطرفان بالنبل والحجارة، وقد أصيب في إحدى المرات سعد بن معاذ بسهم في أكحله وأخذ يعاني منه، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتطبيبه في المسجد النبوي، في خيمة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير