تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالمشيئة إذا نسيها الإنسان فإنه يقولها إذا ذكرها، ولكن هل تنفعه، بمعنى أنه لو حنِث في يمينه فهل تسقط عنه الكفارة إذا كان قالها متأخراً؟ من العلماء من قال: إنها تنفعه حتى لو لم يذكر الله إلَّا بعد يوم أو يومين أو سنة أو سنتين، لأن الله أطلق: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ}، ومن العلماء من قال: لا تنفعه إلَّا إذا ذكر في زمن قريب بحيث ينبني الاستثناء على المستثنى منه، وهذا الذي عليه جمهور العلماء، فمثلاً إذا قلت: والله لأفعلن هذا ونسيت أن تقول: إن شاء الله، ثم ذكرت بعد عشرة أيام فقلت: إن شاء الله، ثم لم تفعل بناء على أن من قال: إن شاء الله لم يحنَث، فمن العلماء من قال: ينفعه لأن الله تعالى قال: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ}، ومنهم من قال: لا ينفعه لأن الكلام لم ينبنِ بعضه على بعض، إذاً ما الفائدة من أمر الله أن نذكره إذا نسينا؟ قال: الفائدة هو ارتفاع الإثم، لأن الله قال: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} فإذا نسيت، فقلها إذا ذكرت، لكن هل تنفعك فلا تحنث أم يرتفع عنك الإثم دون حكم اليمين؟ الظاهر: الثاني؛ أن يرتفع الإثم، وأما الحنْث فإنه يحنَث لو خالف لأن الاستثناء بالنسبة للحِنْث لا ينبغي إلَّا أن يكون متصلاً، ثم الاتصال هل يقال: إن الاتصال معناه أن يكون الكلام متواصلاً بعضه مع بعض أو أن الاتصال ما دام بالمجلس؟

الجواب: فيه خلاف، بعضهم يقول: ما دام في المجلس فهو متصل، وإذا قام عن المجلس فقد انقطع، قالوا: لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا" فجعل التفرق فاصلاً، ومنهم من قال: العبرة باتصال الكلام بعضه مع بعض، والظاهر والله أعلم أنه إذا كان في مجلسه، ولم يذكر كلاماً يقطع ما بين الكلاميْن، فإنه ينفعه الاستثناء؛ فلا يحنث.

(وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً) عسى" بمعنى الرجاء إذا وقعت من المخلوق، فإن كانت من الخالق فهي للوقوع، فقول الله تبارك وتعالى:) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (98) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً) (النساء:99)، نقول: عسى هنا واقعة، وقال الله:) إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) (التوبة:18). أما من الإنسان فهي للرجاء، كقوله:

{وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي} هذه للرجاء.

(أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي) أي يدلني إلى الطريق، ولهذا قال: {لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً} أي هداية وتوفيقاً، وقد فعل الله، فهداه في شأن أصحاب الكهف للرشد.

...

) وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً) (الكهف:25)

قوله تعالى: {َلَبِثُوا} يعني أصحاب الكهف {فِي كَهْفِهِمْ} الذي اختاروه لأنفسهم وناموا فيه.

(ثَلاثَ مِائَةٍ) تكتب اصطلاحاً ثلاثمائة مربوطة: ثلاث مربوطة بمائة، وتكتب مائة بالألف، لكن هذه الألف لا يُنطَق بها، وبعضهم يكتب ثلاث وحدها ومئة وحدها، وهذه قاعدة صحيحة.

وقوله: {ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ} {مِائَة} بالتنوين و {سِنِينَ} تمييز مبين لثلاث مائة لأنه لولا كلمة سنين لكنا لا ندري هل ثلاث مائة يوم أو ثلاث مائة أسبوع أو ثلاث مائة سنة؟، فلما قال: {سِنِينَ} بيَّن ذلك.

(وَازْدَادُوا تِسْعاً) ازدادوا على الثلاث مائة تسع سنين فكان مكثُهم ثلاث مائة وتسع سنين، قد يقول قائل: "لماذا لم يقل مائة وتسع سنين؟ ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير