تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[هذه هي عائشة الحرة و هذه دارها لازالت شامخة في قلب البيازين بغرناطة]

ـ[هشام زليم]ــــــــ[29 - 07 - 08, 04:40 ص]ـ

بسم الله الرحمان الرحيم.

فهذا موضوع بسيط للتعريف بعلم من الأعلام التي أضاءت ببلاد الأندلس في وقت كانت فيه الأنوار تخبو بتلك البلاد السليبة.

إنها عائشة الحرة والدة أخر ملوك الأاندلس أبو عبد الله الذي اشتهر بكونه أخر ملم مسلم ببلاد الأندلس.

لقد لعبت هذه المرأة دورا مهما في إنقاد عرش غرناطة من مؤامرات الثريا الرومية وثبات الغرناطيين أمام النصارى و خاصة في بعث روح المقاومة لدى ابنها الملك أبو عبد الله الصغير.

ولقد احتفظ الإسبان إلى يومنا هذا باحترام و تقدير لهذه المرأة و ألفوا حولها القصص و الأساطير و حافظوا على منزلها في حي البيازين الشهير بغرناطة المعروف اليوم ب"دار الحرة".

يقول مؤرخ الأندلس المعاصرالأستاذ عبد الله عنان رحمه الله في كتابه "نهاية الأندلس" ص184و186 عن عائشة الحرة:

"و تحتل شخصية عائشة الحرة في حوادث سقوط غرناطة مكانة بارزة. و ليس ثمة في تاريخ تلك الفترة الأخيرة من المأساة الأندلسية شخصية تثير من الإعجاب و الإحترام, و من الأسى و الشجن, قدر ما يثير ذكر هذه الأميرة النبيلة الساحرة, التي تذكرنا خلالها البديعة, و مواقفها الباهرة, وشجاعتها المثلى إبان الخطوب المدلهمة, بما تقرأه في أساطير البطولة القديمة من روائع السير و المواقف.

و الواقع أن حياة السلطانة "الحرة" , تبدو لنا خلال الحوادث و الخطوب, كأنها صفحة من القصص المشجى, أكثر مما تبدو كصفحة من التاريخ الحق, وهذا اللون القصصي لا يرجع فقط إلى كونها أميرة أو امرأة, تشترك في تدبير الملك, وتدبير الشؤون و الحوادث, و لكن يرجع بالأخص إلى شخصيتها القوية, وإلى سمو روحها و رفيع مثلها, وإلى جنانها الجرئ يواجه كل خطر, و يسمو فوق كل خطب و مصاب. و الواية القشتالية ذاتها – و هي تسميها عائشة حسبما قدمنا- لا تضن عليها بالتنويه و التقدير, و هي التي تسبغ على شخصيتها و حياتها كثيرا من هذا اللون القصصي المشجي.

كانت عائشة "الحرة" ملكة غرناطة في ظل ملك يحتضر, و مجد يشع بضوئه الأخير ليخبو و يغيض. و قد رزقت من زوجها الأمير أبي الحسن بولدين هما: أبو عبد الله محمد و أبو الحجاج يوسف. وكانت روح العزم و التفاؤل, التي سرت في بداية هذا العهد إلى غرناطة, تذكي بقية من الأمل في إنقاذ هذا الملك التالد. و كانت عائشة ترى من الطبيعي أن يؤول الملك إلى ولدها, و لكن حدث بعد ذلك ما يهدد هذا الأمل المشروع. ذلك أن الأمير أبا الحسن ركن في أواخر أيامه إلى حياة الدعة, و استرسل في أهوائه و ملاذه, و اقترن للمرة الثانية بفتاة نصرانية رائعة الحسن, تعرفها الرواية الإسلامية باسم "الثريا" الرومية. و تقول الرواية الإسبانية إن ثريا هذه و اسمها النصراني إيسابيلا, وتعرفها الرواية أيضا باسم "زريدة", كانت ابنة عظيم من عظماء إسبانيا و هو القائد "سانشو خمنيس دي سوليس" و أنهاأخذت أسيرة في بعض المعارك, وهي صبية فتية, وألحقت وصيفة بقصر الحمراء, فاعتنقت الإسلام, وتسمت باسم ثريا أو كوكب الصباح, فهام بها الأمير أبو الحسن, ولم يلبث أن تزوجها, و اصطفاها على زوجه الأميرة عائشة, التي عرفت عندئذ "بالحرة" تمييزا لها من الجارية الرومية, أو إشادة بطهرها و رفيع خلالها. و يقول لنا المؤرخ المعاصر هرناندو دي بياثا, إن السلطان أبا الحسن كان يقيم يومئذ مع زوجه الفتية الحسناء في جناح الحمراء الكبير أو قصر قمارش, وذلك بينما كانت تقيم الحرة و أولادها في جناح بهو السباع.

...

"و كان الأميرأبو الحسن قد شاخ يومئذ و أثقلته السنون, و غدا أداة سهلة في يد زوجه الفتية الحسناء. وكانت ثريا فضلا عن حسنها الرائع فتاة كثيرة الدهاء و الأطماع, و كان وجود هذه الأميرة الأجنبية في قصر غرناطة, واستئثارها بالسلطان و النفوذ في هذه الظروف العصيبة, التي تجوزها المملكة الإسلامية, عاملا جديدا في إذكاءعوامل الخصومة والتنافس الخطرة. و كانت ثريا في الواقع تتطلع إلى أبعد من السيطرة على الملك الشيخ. ذلك أنها أنجبت من الأمير أبي الحسن كخصيمتها عائشة ولدين, هما سعد و نصر, ومانت ترجو أن يكون الملك لأحدهما. و قد بذلت كل ما استطاعت من صنوف الدس و الإغراء لإبعاد خصيمتها

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير