الأميرة عائشة عن كل نفوذ و حظوة, وحرمان ولديها محمد و يوسف من كل حق في الملك, وكان أكبرهما محمد أبو عبد الله ولي العهد المرشح للعرش, و كان أشراف غرناطة يؤثرون ترشيح سليل بيت الملك, على عقب الجارية النصرانية. و لكن ثريا لم تيأس و لم تفتر همتها, فما زالت بأبي الحسن حتى نزل عند تحريضها و رغبتها. و أقصى عائشة وولديها عن كل عطف و رعاية, ثم ضاعفت ثريا سعيها و دسها حتى أمر السلطان باعتقالها, وزجت عائشة مع ولديها إلى برج قمارش, أمنع أبراج الحمراء, وشدد في الحجر عليهم, وعوملوا بمنتهى الشدة و القسوة .... و ذهبت ثريا في طغيانها إلى أبعد حد فحرضت الملك الشيخ على إزهاق ولده أبي عبد الله عثرة أمالها.
"و كانت الأميرة عائشةامرأة وافرة العزم و الشجاعة, فلم تستسلم إلى قدرها الجائر, بل عمدت إلى الإتصال بعصبتها و أنصارها, وفي مقدمتهم بنو سراج أقوى أسر غرناطة, وأخذت تدبر معهم و سائل الفرارو المقاومة. و لما وقفت الأميرة عائشة من أصدقائها على نية أبي الحسن قررت أن تبادر بالعمل, وأن تغادر قصر الحمراء مع ولديها بأية وسيلة. و في ليلة من ليالي جمادى الثانية سنة 887 هجرية (1482م) استطاعت الأميرة أن تفر مع ولديها محمد و يوسف بمعاونة بعض الأصدقاء المخلصين. و الرواية الإسلامية تشير إلى فرار الأميرين فقط دون أمهما"
و هكذا ظهر ابن عائشة أبو عبد الله الصغيرفي وادي أش و ثار على أبيه و خلعه عن الحكم. و قامت حرب أهلية بين الإبن و الأب الذي التجأ إلى أخيه الزغل حاكم مالقة.
و بعد و فاة أبي الحسن اشتدت الحرب بين أبي عبد الله الصغير و عمه الزغل و قسموا المملكة المسلمة إلى شطرين. و قد استغل العدو النصراني الفرصة وانقض أولا على ما بيد الزغل من أراضي فاستسلم هذا الأخير ودخل تحت لواء فرديناند و أيسابيلا. وبقي ما بيد ابي عبد الله الصغير و قد اعتقد النصارى أنه سيسلم لهم مفاتيح البلاد دون مقاومة. لكن هنا ظهر الدور الكبير لعائشة الحرة التي حرّضت ابنها على المقاومة و ساعدها على إذكاء روح المقاومة رجل قلّما ذكره التاريخ و هو موسى بن أبي الغسان الذي أسكت كل الأصوات الداعية إلى الإستسلام. و فعلا استجاب أبو عبد الله الصغيرللتحريض و ظهرت منه بطولات محترمة في جهاد الصليبيين لكن هذا لم يمنع من الإستسلام أخيرا للقوة الصليبية.
بعد هذا الإستسلام وخروج أبي عبد الله متحسرا باكيا من غرناطة و حمرائها قالت عائشة الحرة جملتها الشهيرة:
" أجل فلتبك كالنساء, ملكا لم تستطع أن تدافع عنه كالرجال".
و هذه صورة لدار الحرة بحي البيازين و هو المنزل الذي سكنت به بعد خروجها من قصر الحمراء مع ولديها.
http://www.vivagranada.com/images/daralhorra.jpg
و هذه صورة أخرى تظهر فيها "دار الحرة" في أول الصورة إلى اليسار وخلفهاالقصرالضخم لأيسابيلا الكاثوليكية الذي أنشأته الملكة الكاثوليكية بعد سقوط غرناطة بيدها. و قد تم ترميم "دار الحرة" في بدايات القرن العشرين.
http://www.vivagranada.com/images/sancristobaldetail.jpg
تلك أثارنا تدل علينا****فانظروا بعدنا إلى الأثار
ـ[أبو عبدالله الخليلي]ــــــــ[29 - 07 - 08, 08:35 ص]ـ
إنا لله وإنا إليه راجعون ..
هل من مصدر للسطور السابقة يتكلم بصورة أوسع عن الأندلس؟
جزاك الله كل خير
ـ[أبو المنهال الأبيضي]ــــــــ[29 - 07 - 08, 11:27 ص]ـ
دولة الإسلام في الأندلس، لمحمد عبد الله عنان (1896_1986 م)، في ستة أجزاء، وما نقل منه الأستاذ المغربي جزء من هذه السلسلة، وقد استغرق هذا الكتاب من مؤلفه 25 عامًا، صدر عن مكتبة الخانجي، ثم نشرته مكتبة الأسرة.
الجزء الأول: من الفتح إلى بداية عهد الناصر.
الجزء الثاني: الخلافة الأموية والدولة العامرية.
الجزء الثالث: دول الطوائف منذ قيامها حتى الفتح المرابطي.
الجزء الرابع: عصر المرابطين وبداية الدولة الموحدية.
الجزء الخامس: عصر الموحدين وانهيار الأندلس الكبرى.
الجزء السادس: نهاية الأندلس وتاريخ العرب المتنصرين.
وينظر هذا الرابط للفائدة:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=131066