تذكر المصادر أن أوقاف الجامع الكبير كانت من أغنى مصادر الوقف في الجزائر، عرف عن سعيد قدورة انه من أسرة غنية و لذلك ذكرت المصادر التي ترجمت له انه كان يدفع لنوابه الأربع في الخطبة بمساجد العاصمة من ماله الخاص، وانه كان يتاجر بأمواله مع التجار الكبار، و انه يملك أراضي شاسعة تدر عليه أموالا طائلة.
قام سعيد قدورة بالإنفاق على الجامع الكبير فأجرى تحسينات و إضافات و توسعة عليه، كما اشترى مكتبة قيمه تحتوى على أمهات الكتب و المخطوطات أضافها إلى ما يوجد من كتب داخل المسجد، و كذلك شيد زاوية قرب الجامع أصبحت تعرف باسم زاوية الجامع الكبير، و كذلك شيد مدرسة و مأوى لفقراء الطلبة و الغرباء منهم يقدم لهم المأكل و المشرب و الإقامة و المبيت مجانا، كل ذلك من فائض أوقاف الجامع الكبير.
و تصدر لتدريس الصحيحين و الموطأ رواية و دراية فحضر دروسه خلق عظيم من الطلبة و العلماء و المشايخ، و قصده طالبي الإجازات و علو الإسناد من سائر ربوع الجزائر و من خارجها، و اشتهر بعلمه و فتاويه فأحبه الناس، و كبر في عيونهم فهابه الحكام العثمانيين، وقد بلغ من هيبة و قيمة سعيد قدورة أن كان الباشوات - رغم تعددهم و شهرة بعضهم بالبطش و الطغيان و الظلم - يقفون له إجلالا و يقبلون يده، و يقدمونه على المفتى الحنفي - شيخ الإسلام كما يلقبه الحكام الأتراك في الجزائر لأنه يمثل مذهب الحكام - كما أن المجلس العلمي و القضائي الذي كان ينعقد في دار السلطان للنظر في الأمور الهامة، أصبح ينعقد في عصر سعيد قدورة في الجامع الكبير الذي كان يُدَرِسُ فيه (و هو أي المجلس يضم المفتيان المالكي و الحنفي، و قضاة المذهبين و يحضره الباشا أو ممثله و العلماء من الفئتين) و قد بقي هذا التقليد ساريا طيلة العهد العثماني في الجزائر.
تذكر المصادر التي ترجمت له أيضا انه سافر في مهمة إلى اسطنبول و انه التقى بمفتييها سعيد افندي، و قد ذكر هذه السفرية الشاعر احمد المانجلاتي في قصيدة بعث بها إلى مفتى اسطنبول يعرفها فيها بمنزلة و مرتبة سعيد قدورة.
أبناؤه و أحفاده:
خلف سعيد قدورة ولدين هما محمد (تولى الفتوى بعد وفاة والده سنة 1066 هـ، وبقي فيها حتى وفاته هو أيضا سنة 1107هـ)
وهو يعتبر من أكابر العلماء فقد أنابه عنه في الخطابة و الإمامة في حياته،، وهو الذي تتلمذ عليه الرحالة المغربي ابن زاكور و أجازه أثناء إقامته بالجزائر سنة 1093 هـ، و الإجازة مؤرخة في رجب سنة 1094 هـ.
ثم خلفه أخوه أحمد في منصب الإفتاء (من سنة 1107هـ حتى سنة 1118 هـ).
ثم خلفهم في الفتوى حفيد المترجم له سعيد بن احمد قدورة (من سنة 1122هـ إلى سنة 1129 هـ)، ثم تولى الفتوى بعدهم حفيده الآخر و صهر سعيد بن أحمد، كما ضمت إليه نقابة الأشراف أيضا عبد الرحمن المرتضى من سنة 1129 هـ إلى وفاته 1131 هـ).
تلامذته:
اذ كان سعيد قدورة قد تساوى مع غيره من العلماء في المناصب و الوظائف الرسمية التي تولاه، فان تأثيره العلمي و الديني قد تجاوز جيله إلى التأثير في اجيال لاحقة تاثيرا لم يبلغه إلا القليل من العلماء، فقد تخرج على يديه عدد جم من التلاميذ و العلماء سواء في حلقات الدرس أو بالرواية عنه او بالاجازة.
أذكر منهم:
- مسند الدنيا في زمانه العلامة المحدث أبي مهدي عيسى الثعالبي الجزائري أصلا المكي هجرة ومدفنا ثم المالكي الأثري (ت في 24 رجب سنة 1080هـ) قال عنه أبو سالم العياشي في رحلته:" عكف في آخر أمره على سماع الحديث وإسماعه فجمع من الطرق العوالي والأسانيد الغريبة والفوائد العجيبة مالم يجمع غيره وكتب الكثير وسمع وأسمع من المسانيد والمعاجم والأجزاء مالم يتفق لغيره مثل ذلك ولا قريب منه لأهل عصره ".
و قد ذكر شيخه و ترجم له في فهرسته: " كنز الرواية المجموع في درر المجاز ويواقيت المسموع ".
¥