تحسّر النصارى على تفوق اللغة العربية على اللاتينية ببلاد الأندلس
ـ[هشام زليم]ــــــــ[31 - 07 - 08, 03:30 ص]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم.
لما مكّن الله عز وجل للمسلمين في بلاد الأندلس, أقاموا حضارة أضاءت كل بلاد أوربا و نشروا دين الإسلام و لغة العرب بين أبناء البلاد الأندلسية. و قد تلقّ الأريون الموحدون (السكان الأصليون للأندلس) الإسلام و حضارته بفرح و سرور و كانوا يعتبرونه المنقذ من بطش الكنيسة الرومانية التي أجبرتهم على الإعتقاد بالتليث و كما استقبله اليهود بالإستبشار باعتباره أيضا منقذا من معاملة الكنيسة السيئة لهم. وإذا أضفنا سماحة الإسلام و اعتماد الفاتحين على الأسلوب القرأني المعتمد على الحكمة و الموعظة الحسنة و عدم الإجبار على اعتناقه, فإن كل الظروف كانت مواتية ليدخل الناس في دين الله أفواجا.
يروي المؤرخ الفرنسي المعاصر أندري كلوفي كتابه " L’Espagne musulmane" ( إسبانيا المسلمة) كيف كانت قلوب النصارى تنفطر لرؤية انتشار الحضارة الإسلامية في الأندلس بعد سنوات قليلة على الفتح و انبهار إخوانهم في الدين بها.
يقول أندري كلو:
"هذا التشبه السريع, و تبني الأذواق و العادات الإسلامية لم يكن يروق للسلطات المسيحية, البعيدة من هنا. الجهل باللاتينية, لغة الكنيسة, دفعت أسقف إشبيلية إلى ترجمة الإنجيل للعربية حتى يستطيع المسيحيون قراءته.
ألفارو, كاتب مسيحي, عاش خلال تلك الفترة بقرطبة, و كان على رأس مجموعة من المسيحيين المتحمسين لدينهم. يروي هذا الرجل بحزن عميق:"كان المسيحيون يحبون قراءة القصائد و النصوص العربية, و كانوا يدرسون كتابات العلماء و الفلاسفة المسلمين, ليس للرد عليهم و لكن ليتعلموا طريقة الإلقاء و الخطاب العربي الصحيح الأنيق. أين تجد اليوم علمانيا يقرأ التعاليق اللاتينية على الكتب المقدسة؟ مَن بينهم يدرس الأناجيل و سيرة الرسل و الحواريين؟ يا حسرة, كل الشباب المسيحيين المعروفين بمواهبهم لا يعرفون سوى الثقافة و الأدب العربي؛ يقرأون و يتعلمون الكتب العربية بكل شغف, و يشكلون منها مكاتب و خزائن كبيرة. و إذا حدثتهم عن الكتب المسيحية فسيجيبونك بمقت أن هذه الكتب لا تستحق أن يثار إليها الإهتمام. يا للألم, المسيحيون نسوا حتى لغتهم, و بين ألف ستجد بصعوبة واحدا يستطيع أن يكتب رسالة إلى صديقه باللاتينية".
نعم فقد اختار الإسبان الذين فضلوا البقاء مسيحيين (و هم قلة بالنسبة للذين وحّدوا الله و أسلموا) لغة العرب و أبدا لم تُفرض عليهم فرضا و هذا ما اعترف به ألفارو في شهادته أعلاه. و لنُقارن سماحة الإسلام هذه في تعاملها مع غير المسلمين بما فعله الهمج الكاثوليك لما سقطت غرناطة حيث حرّموا على المسلمين التحدّث بالعربية و فرضوا عليهم القشتالية ومن وُجد معه كتاب بالعربية عوقب أشد العقوبة. هذا و قد أحرقوا مئات الألاف من الكتب العربية الشرعية منها و الدنيوية.
ثم مرت القرون و شوّهت الحقائق و أثيرت الشكوك حول المسلَّمات و راح نصارى اليوم ينعتون الإسلام بصفاتهم القبيحة التي عُُرفوا بها من تشدد و ظلم و إرهاب. و المنصف يكفيه أن يعود إلى تاريخ القوم فيجد ما تشيب له الولدان من تعسف و ظلم و طغيان. أما تاريخ المسلمين فهو صفحة بيضاء من العدل و التسامح و حسن الجوار. و قد شهد للمسلمين بذلك المنصفون من النصارى بل و عاش اليهود أزهى أيامهم في ظل المسلمين سواء في إسبانيا أو في بيت المقدس.
لقد كان اليهود يرتحلون أينما ارتحل المسلمون و يخرجون من البلاد متى خرج المسلمون منها. و هذا لعلمهم بما في القرأن المجيد من حض على حسن الجوار و عدم الظلم و العدوان و عدم الإلتجاء إلى العنف إلا بالحق.
ـ[أبو عبد البر المالكي]ــــــــ[31 - 07 - 08, 01:52 م]ـ
جزاكم الله خيرا و فقكم الله لما تصبون اليه