[شوق المورسكيين إلى رمضان]
ـ[هشام زليم]ــــــــ[06 - 08 - 08, 11:09 م]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم.
بداية فالمورسكيون هم أولئك الأندلسيون الذين بقوا في الأندلس بعد سقوط دولة الإسلام سنة 1492م. و قد أٌجبروا على التنصر و نبذ الإسلام و التخاطب بالقشتالية بعد منع اللغة العربية و إبدال الأسماء و الأزياء الإسلامية بنظيرتها النصرانية. و من خالف عوقب أشد عقوبة و صلت إلى حد الشنق و الحرق.
و أمام هذا الظلم و الإرهاب النصراني عمل الأندلسيون على إخفاء عقيدتهم الإسلامية و أداء الشعائر خفية من أعين محاكم التفتيش. و قد حضي رمضان بقسط وافر من التعظيم حيث حرصوا على صيامه رغم ما قد يتعرضون له إذا اكتشفهم النصارى. بل و قد انتظروا قدوم هذا الشهر المبارك بكل شوق و شغف. و هذا الشوق لدى المورسكيين إلى رمضان هو محور هذا الموضوع المتواضع.
تقول الكاتبة الإسبانية غارسيا ميرثيدس أرينال عن انتظار المورسكيين لرمضان:
"يبدأ الصيام بظهور هلال رمضان الذي كان يدور حوله توقع كبير. و كان هناك قلق عند انتظار الهلال و مراقبته, و كانوا ينقلون خبر ظهوره بين القرى المجاورة و يتناقشون حوله. و تسبب هذا الاهتمام بهلال رمضان في محاكمة عدد ليس بالقليل من المورسكيين. تجدر بالذكر حالة ديثا, ففي عام 1570م (أي بعد 78 سنة على تنصير المسلمين) تم القبض على نصف القرية لأنهم خرجوا إلى أماكن الفضاء لرؤية ظهور هلال رمضان, و لما دار جدل حول ما إذا كان الهلال ظهر أم لا انقسموا إلى جماعات متفرقة و بدأت كل جماعة تدافع عن موقفها بصوت عال, و بالبتالي علمت السلطات و قبضت عليهم. (1)
و الحالات التي يظهر فيها المورسكيين و هم يستطلعون الهلال عديدة: ماريا دي أليخير ( Maria de Aliger) من ديثا- (2): "لشغفها بمعرفة متى سيبدأ شهر رمضان حتى تصوم, قالت لأحد المورسكيين إنها ذهبت لرؤية الهلال في فضاء هذه القرية".
و خيرونيمو, نقاش أركوس, رآه جاره ذات ليلة و هو ينظر إلى الهلال و قال له هذا الشاهد: إلام تنظر و ما الذي جاء بك إلى هنا؟ قال هذا النقاش: إنه جاء لرؤية الهلال, قال الشاهد: تريد أن تصوم؟ قال له النقاش: أجل فهناك في أراغون يصوم الجميع" (3)
(1) أرشيف محاكم التفتيش بكوينكا. ملف 249. رقم3363.
(2) أرشيف محاكم التفتيش بكوينكا. ملف 375. رقم5322.
(3) أرشيف محاكم التفتيش بكوينكا. ملف 237. رقم3072.
و هذه الشهادات نشرت بكتاب "محاكم التفتيش و المورسكيون" لللإسبانية غارسيا مرثيدس أرينال. ترجمة الدكتور جمال عبد الرحمن.