تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[ابو مريم الجزائري]ــــــــ[17 - 08 - 08, 06:56 م]ـ

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

في سنة 1938 م نشر سلسلة مقالات اختار لها عنوانا هذه الآية الكريمة من قوله تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} النحل125.

بين فيها شروط الدعوة إلى الإصلاح، و أن للإصلاح فروعا كثيرة و مسالك متشعبة، و مما جاء فيها:

" .... و قد كثر الادعياء فانكروا علينا كثيرا من الاحكام هي صريح كتاب الله تعالى و صريح السنة الصحيحة، او هي عمل الصحابة و التابعين، جاهرنا بها و لم نخش في ذلك لومة لائم فلم ينكروها علينا و ينتقدوها علينا بدليل من الادلة المعتبرة، و انما يقولون مضى فلان و فلان لم يفعلها و لم يحصل منه ذلك، هذا منتهى دليلهم، او يقولون لم تجر العادة بها في بلدنا، فقل لي بربك ايها القارئ هل يلتفت الى استدلالهم بذلك؟ و هل كلفنا الله باتباع الرجال فيما خالفوا فيه صريح الأدلة الشرعية. و هل يصح ان نترك حكما بدليل من تلك الادلة لعادة جارية؟ كلا بل هذا عين الضلال، و انما كلفنا ان نعمل بكتابه و سنة رسوله [صلى الله عليه وسلم] و ما اجمعت عليه الامة ... "

ثم يضيف قائلا: " و لو اشتغل الادعياء بتفهيم القرآن و السنة و عملوا ما فيهما من الاحكام و الحكم لابرزوا الدين في اجمل صورة، و لكن للاسف تركوا ذلك فانتشرت بينهم الخرافات، اذ الخرافات من اكبر عوارض جهل الامم، فتسلط عليهم الوهم و الخيال فعدوا الحق باطلا و الباطل حقا، فابرزوا الدين في ابشع الصور و شوهوا حقيقته بالخزعبلات و تنازع البقاء، و يا لبتهم قصروا ذلك على انفسهم و لكن ظلموا غيرهم مع انفسهم و غروهم بما اشتغلوا به من قشور العلم و الصور المفككة من الفقه و النحو و التهيؤ بهيئة العلماء، و مما زاد الطين بلة ان يتعرضوا لمن ربي على العلم الصحيح و الاعتقاد الحق، بالطعن بالفسق و الزندقة و الكفر اذا خالفهم في عوائدهم و هيئاتهم ظنا منهم ان ذلك هو الدين، و لو كان المخالف ممتلئ القلب ايمانا و حكمة، اللهم ان هذا بهتان، فادرك عبادك بلطفك الخفي انك على كل شئ قدير"

البصائر العدد 104 - 16 محرم 1351 هـ/ 18 مارس 1938 م.


كما نشر سلسلة بعنوان " كيف يكون العالم الديني "
استهلها بوصف الاوضاع السيئة التي يعيشها المسلمون في عصره نتيجة الاعراض عن القرآن الكريم و السنة الشريفة و ما كان عليه الصحابة الكرام و السلف الصالح من حسن السلوك و كرم الاخلاق و صنع الجميل و يضيف قائلا:
" .... انعي على العامة ما علق باذهانهم من ان كل ما يذكر في الكتب المؤلفه فهو صحيح، و لذلك نجدهم على سيل جارف من الاعتقادات الباطلة و غرائب القصص الاسرائيلية و دسائس الزنادقة و المحالات العقلية، نراهم يعتقدون في الاحجار و الاشجار و الاكام يشدون اليها الرحيل و يقربون اليها القربان، و هذا كله جار و اهل العلم في غفلة عن ارشادهم الى الاعتقاد الصحيح، بل تركوهم حتى تفاقم امرهم بحيث لو اراد من ربي على الاعتقادات الحقة ان ينهاهم عن ذلك بادية للواجب و امتثالا لنصائح كان عليه اسلافهم، لما استجابوا لذلك اعتقادا منهم ان تلك المنكرات و العبث بنظام العبادات جهلا او سعيا وراء الشهوات هي الايمان و التقوى، و ليس الايمان بالله كلمة يلوكها الناس بافواههم، و انما هو عقيدة واسخة في نفوس المؤمنين يتفرع منها تقوى الله وحده و العمل الصالح "

ثم تحدث عن كتاب الله فقال:

" ... و قد جاء كتاب الله يشرح للمسلمين العقائد و قواعد الئرائع و فلسفة الاداب و سياسة الشعوب يخبرهم عن الماضي و الاتي و يحكي لهم مخبآت الضمائر و ما تكنه الصدور و يرشدهم الى الاعتبار بانواع المخلوقات، و يصف لهم الكائنات بانواعها من حيوان و نبات و جماد و ما فيها من ضروب الحكم و انواع الاعتبار و هو يؤيد بعضه بعضا {لا ياتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه} الآية، يبين لهم سنن الاجتماع و نواميس العمران و طبائع العلل موافقا للفطرة في اوامره و نواهيه متفقا مع المصلحة العامة في تعاليمه يتصافح مع العلم و يتآخى مع الدليل و يتعانق مع المدينة في كل مكان و زمان، و بالجملة انك لا ترى مسألة اخلاقية بين علماء العمران و علماء الاجتماع و مقرري الآيات و العادات و علماء الاقتصاد الا وجدت كتاب الله اتى على آخر راي فيها مما رجعوا اليه بعد الاختلاف و طول المطاف، و من اطلع على ما قدمه علماء الاجتماع و الاطباء لحكوماتهم في اوروبا من التقارير في شأن الطلاق و المضاربات في تحريم الخمر و الخنزير علم ما قلناه "
اما عن السنة الشريفة فقال:
" و اما السنة ففيها كثير من المؤلفات التي اطبق على صحتها اهل المشرق و المغرب من علماء المسلمين فابيح النظر فيها لكل أحد من علماء الدين و الاعتماد عليها و الاستدلال بما فيها، و ذلك كصحيح البخاري و صحيح مسلم سنن ابي داود و النسائي و الترميذي و ابن ماجة و مسانيد الائمة الاربعة، فهذه العشرة هي الاصول للاحكام عند اهل السنة، و كذلك صحيح ابن حبان و صحيح ابن خزيمة و سنن البيهقي و الدارقطني و البزار و غيرذلك من كتب المتقدمين الذين شمروا عن ساعد الجد فميزوا صحيح الاخبار من سقيمها و يسر امرها ائمة الدين و جعلوها في متناول اليد، لكل انسان ان ينظر فيها و يعتمد على روايتها، فمن لم يمكنه الزمان و المكان من دراسته كتب المتقدمين، و اراد تعليم الفقه في كتب المتأخرين المختصرة المجردة عن ادلة الاحكام، فليقف على الاقل على الكتب المؤلفة في أدلة الاحكام الحديثة و ادلة الاحكام القرانية، و على الكتب المؤلفة في علم الخلاف، و كل ذلك متوفر سهل الحصول، فيمكنه بذلك ان يعلم ماخذ امامه و ليكن عارفا بفن التعارض و الترجيح، و بفن الجرح و التعديل حتى ادا تعارضت عنده الادلة امكنه الخروج عن ذلك بطريق من الطرق المقررة في هذين الفنين "

جريدة الامة الجزائرية لصاحبها أبو اليقضان عدد 55 تاريخ 17 ديسمبر 1935م.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير