تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

اسمه المدعو به بين أهل العربية أبا البقاء يحيى بن عباس المغربي وذلك أن أكثر متخصصيهم يكون له اسم عربي غير اسمه العبري أو مشتق منه كما جعلت العرب الاسم غير الكنية وكان اتصاله بأمي ببغداد وأصلها من البصرة وهي إحدى الأخوات الثلاث المنجبات في علوم التوراة والكتابة بالقلم العبرى وهن بنات إسحاق بن إبراهيم البصري الليوى أعني من سبط ليوي وهو سبط مضبوط النسب لأن منه كان موسى عليه السلام وكان إسحاق هذا ذا علوم يدرسها ببغداد وكانت أمهن نفيسة بنت أبي نصر الداوودى وهذا من رؤسائهم المشاهير وذريته إلى الآن بمصر وكان اسم أمي باسم أم شموائيل النبي عليه السلام وكان هذا النبي قد ولد بعد أن مكثت أمه عاقرا لا ترزق ولدا ولا تحمل عدة سنين حتى دعت ربها في طلب ولد يكون ناسكا لله ودعا لها رجل صالح من الأئمة يقال له عيلى فرزقت شموائيل النبي وذلك كله مشروح في أوائل سفر شموائيل النبي فمكثت أمي عند أبي مدة لا ترزق ولدا حتى استشعرت العقم فرأت في منامها أنها تتلو مناجاة حنة أم شموائيل لربها فنذرت أنها إن رزقت ولدا ذكرا تسميه شموائيل لأن اسمها كان باسم ام شموائيل فاتفق أنها بعد ذلك اشتملت علي وحين رزقتني دعتني شموائيل وهو إذا عرب السموأل وكناني أبي أبا نصر وهي كنية جدي وشغلنى أبي بالكتابة بالقلم العبري ثم بعلوم التوراة وتفاسيرها حتى أحكمت علم ذلك عند كمال السنة الثالثة عشرة من مولدي فشغلني حينئذ بتعلم الحساب الهندي وحل الزيجات عند الشيخ الأستاذ أبي الحسن بن الدسكري وقراءة علم الطب على الفيلسوف أبي البركات هبة الله بن على والتأمل في علاج الأمراض ومشاهدة ما يتفق من الأعمال الصناعية في الطب والمعالجات التي يعالجها خالي أبو الفتح بن البصري فأما الحساب الهندي والزيج فإني أحكمت علمهما في أقل من سنة وذلك حين كمل لي أربع عشرة سنة وأنا في خلال ذلك لا أقطع القراءة في الطب ومشاهدة علاج الأمراض ثم قرأت الحساب الديواني وعلم المساحة على الشيخ أبي المظفر الشهرزوري وقرأت الجبر والمقابلة أيضا عليه وترددت إلى الأستاذ أبي الحسن بن الدسكري وأبي الحسن بن النقاش لقراءة الهندسة حتى حللت المقالات التي كانا يحلانها من إقليدس وأنا في خلال ذلك متشاغل بالطب حتى استوعبت ما عند من ذكرته من الاستاذين من هذه العلوم وبقى بعض كتاب إقليدس وكتاب الواسطى في الحساب وكتاب البديع في الجبر والمقابلة للكرخى لا أجد من يعرف منه شيئا وغير ذلك من العلوم الرياضية مثل كتاب شجاع بن أسلم في الجبر والمقابلة وغيره وكان بي من الشغف بهذه العلوم والعشق لها ما يلهيني عن المطعم والمشرب إذا فكرت في بعضها فخلوت بنفسي في بيت مدة وحللت جميع تلك الكتب وشرحتها ورددت على من أخطأ من واضعيها وأظهرت أغلاط مصنفيها وعزمت على ماعجزوا عن تصحيحه وتحقيقه وأزريت على إقليدس في ترتيب أشكال كتابه بحيث أمكنني إذا غيرت نظام أشكاله أن استغنى عن عدة منها لا يبقى إليها حاجة بعد أن كان كتاب إقليدس معجزا لسائر المهندسين إذ لم يحدثوا أنفسهم بتغيير نظام أشكاله ولا بالاستغناء عن بعضها كل ذلك في هذه السنة أعنى الثامنة عشرة من مولدي واتصلت تصانيفي في هذه العلوم منذ تلك السنة وإلى الآن وفتح الله علي كثيرا مما ارتج على من سبقني من الحكماء المبرزين فدونت ذلك لينتفع به من يقع إليه وفي خلال ذلك ليس لي مكسب إلا بصناعة الطب وكان لي منها أوفر حظ إذا أعطاني الله من التأييد فيها ما عرفت به كل مرض يقبل العلاج من الأمراض التي لا علاج لها فما عالجت مريضا إلا وعوفي وما كرهت علاج مريض إلا وعجز عن علاجه سائر الأطباء وكفوا عن تدبيره فالحمد لله على جزيل نعمته وعظيم فضله واتضح لي بعد مطالعة ما طالعته من الكتب التي بالعراق والشام وآذربيجان وكوهستان الطريق إلى استخراج علوم كثيرة واختراع أدوية لم أعرف أني سبقت إليها مثل الدرقاق الذي وسمته بالمخلص ذي القوة النافذة وهو يبرئ من عدة أمراض عسيرة في بعض يوم وغيره من الأدوية التي ركبتها مما فيه منافع وشفاء للناس بإذن الله تعالى وقد كنت قبل اشتغالي بهذه العلوم وذلك في السنة الثانية عشرة والثالثة عشرة مشغوفا بالأخبار والحكايات شديد الحرص على الاطلاع على ما كان في الزمان القديم والمعرفة بما جرى في القرون الخالية فاطلعت على التصانيف

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير